الوطنية

الدكتورة ندى عبد الكريم… حين يتحوّل العلم إلى رسالة عربية في ريادة المرأة

في عالمٍ يتسارع فيه التغيير وتتصارع فيه التخصصات، برزت الدكتورة ندى عبد الكريم كواحدة من النساء العربيات القلائل اللواتي جسّدن المعادلة الصعبة: الدمج بين التميز الأكاديمي، والريادة الاقتصادية، والتمكين المجتمعي. هي ليست فقط باحثة في الكيمياء العضوية، بل رائدة رؤية وقيادة، اختارت أن تكون رسالتها من رحم التخصص، لتُحدث أثرًا ملموسًا في أحد أكثر القطاعات ديناميكية اليوم: قطاع التجميل غير الجراحي.

تحمل الدكتورة ندى دكتوراه مزدوجة في الكيمياء، وتعمل كمدرّبة دولية معتمدة من البورد الأمريكي للتدريب والاعتماد، وتشغل مناصب دولية مرموقة، من بينها منصب المدير الإقليمي للبورد الأمريكي في إفريقيا، ورئاسة مجلس إدارة الاتحاد الدولي للأطباء وفنيي الصحة، إلى جانب إدارتها لقسم الدراسات العليا في مجال التجميل غير الجراحي. لكن ما يميزها ليس فقط ألقابها الأكاديمية، بل قدرتها الفريدة على تحويل المعرفة العلمية إلى منظومة اقتصادية متكاملة، ذات بعد تنموي وتمكيني.

أسست ندى عبد الكريم مجموعة FRM Group، التي تحوّلت بسرعة إلى واحدة من أبرز المنصات العربية في مجال التجميل والابتكار. من تنظيم المعارض الدولية، إلى تصنيع مستحضرات تجميل تحمل بصمتها العلمية، إلى توزيع أحدث الأجهزة والمعدات الطبية، وصولًا إلى تأسيس أكاديمية دولية للتكوين والتعليم، استطاعت الدكتورة ندى أن تخلق منظومة مكتملة الأركان، تنطلق من المختبر، لتصل إلى قاعات التدريب ومنصات المؤتمرات.

لكنّ المسيرة لم تكن سهلة. فكما تقول: “لقد مررت بمحاولات إقصاء وتشويه، وحاول البعض كسري وإجباري على التراجع، لكنني اخترت المواجهة”، ومن هذه التجارب وُلدت أقوى برامجها التدريبية، وعلى رأسها دورة تدريب المدربين (TOT)، التي لا تكتفي بتكوين مدرّبين، بل تصنع قادة ومُلهمين، يحملون المعرفة كما يحملون رسالة التمكين.

اختيارها لتونس لم يكن وليد الصدفة، بل ثمرة اقتناع عميق بإمكانيات هذا البلد. فهي ترى في تونس توازنًا نادرًا بين الثقافة والانفتاح، وبين العراقة والطموح. بلدٌ يفتح أبوابه للعلم ويعطش للابتكار. موقعه الجغرافي، وقربه من أوروبا وإفريقيا، يجعله منصة مثالية لانطلاق مشاريع إقليمية واعدة. من هنا، قررت أن تكون تونس نقطة الارتكاز الأساسية لمشاريعها القادمة، ليس فقط كوجهة تدريب، بل كمركز إقليمي للتجميل والعناية والتمكين.

وفي هذا الإطار، تستعد الدكتورة ندى عبد الكريم لإطلاق مشروعين من العيار الثقيل، ينطلق أولهما يوم 14 أكتوبر 2025 بتنظيم حدث فريد من نوعه عربيًا تحت عنوان:

“Beauty & Business Week” – أسبوع الجمال وريادة الأعمال

هذا الحدث هو أكثر من مؤتمر، بل تجربة متكاملة تهدف إلى تمكين المرأة العربية، وخاصة المغاربية، من الدخول إلى عالم الجمال والبزنس من أوسع الأبواب. يجمع الحدث بين المعرفة والتكوين والتمكين الاقتصادي، ويتضمن:

ورشات احترافية في فن الإتيكيت والبروتوكول.

جلسات في علم المظهر (Image & Personal Branding).

تكوينات في ريادة الأعمال، التسويق، وتأسيس المشاريع.

دورات تطبيقية في التجميل غير الجراحي والعناية بالشعر.

كما سيتم فتح باب الترشح لألقاب دولية، إقليمية ووطنية، تُمنح بإشراف لجنة علمية وتحكيم دولية متخصصة. إنه حدث لا يركّز على الجمال كمجال تجميلي فقط، بل كصناعة وفرصة اقتصادية ومجتمعية متكاملة.

أما المشروع الثاني فهو إطلاق معرض دولي ضخم للتجميل، تستعد من خلاله لاستقطاب أكثر من 500 عارض من مختلف دول العالم، ضمن فضاءات متعددة تشمل أحدث الابتكارات في:

مستحضرات التجميل، الشعر، والعناية بالبشرة.

الأجهزة الطبية والجمالية.

معدات الحلاقة، الرموش، الأظافر، التاتو، والمايكروبلايدنغ.

ريادة الأعمال النسائية.

المؤسسات التدريبية العربية والدولية.

وسيشكّل هذا المعرض منصة فريدة تجمع ما بين الإنتاج، التكوين، والابتكار في قطاع يشهد نموًا متسارعًا في المنطقة.

وإلى جانب التكوين والتظاهرات، تستعد الدكتورة ندى أيضًا لإطلاق علامتها الطبية الجديدة “GLASSU” للعناية بالبشرة والمكمّلات التجميلية، والتي ستكون انطلاقتها الأولى من تونس نحو كامل السوق المغاربي، ضمن خطة إنتاج وتوزيع مدروسة.

ما تصنعه ندى عبد الكريم اليوم ليس مجرد أعمال، بل حركة تغيير شاملة، تستهدف تطوير الكفاءات العربية، تمكين المرأة، وتصدير الخبرة العربية إلى العالم بأسلوب محترف وملتزم. هي لا تؤمن فقط بالجمال كمظهر، بل كقيمة، كقوة، وكسلاح لبناء الثقة وتحقيق الذات.

في زمن تبحث فيه المنطقة عن نماذج ملهمة، تُعد الدكتورة ندى واحدة من تلك الأسماء التي لا تكتفي بالكلام، بل تصنع الأثر. ومن تونس، تكتب فصلًا جديدًا من فصول التغيير الإيجابي العربي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى