ثقافة وفنون وتلفزة

عرض “برضاك” للأسعد الصلعاني

يواصل المسرح الوطني التونسي  تقديم سلسلة انتاجاته  الجديدة والتي كان من بين عناوينها مسرحية “برضاك” للأسعد الصلعاني والتي جاءت في نسختين باللغتين العربية والفرنسية. وقد  احتضنت  قاعة الفن الرابع بالعاصمة يوم السبت 13 جانفي 2024 العرض باللغة العربية. أما يوم الأحد 14 جانفي 2024 فقد تم تقديم العرض باللغة الفرنسية.
على إيقاع  أوبرالي عذب، ينطلق العرض  بأداء حيّ  للفنانة الموسيقية أميرة  لوبيري  لمقاطع  من الأوبرا باللغة الإيطالية وهي  تسير بين مقاعد  الجمهور ليراقص صوتها الشجي  الجمهور على حبال الذكريات والأمنيات. على الركح كان  الكوريغرافي قيس بولعراس  يرسم  بجسده لوحات من السيرك  المسرحي على أرجوحة معلقة  في شكل دائرة تشير إلى البنية الدائرية  التي  تدور في فلكها فصول السنة ومراحل الحياة.   
في مكان غير  معلوم  وفي زمن غير محدد،  تظهر على  الخشبة أربع شخصيات  تلتحف البياض وتبدأ في الاهتزاز والانتفاض كأنّ الحياة قد بُعثت في جسدها من جديد.  تتخلص  الشخصيات من أكفانها  وتنتصب واقفة على الركح  بأجساد  شبه عارية  وبأرواح  عارية  أمام  نفسها  وأمام  الآخرين.
في هذا المكان خارج  مدارات الزمن، يلتقي توفيق « فيكا »  وزهرة (أمه المتوفاة) وعبد الرحمن المسلم وكاميليا فيواجهون بعضهم البعض ويتواجهون بكل  حدّة  في بوح بذكريات مؤلمة وأحداث مريرة عاشوها وعانوا منها الأمريّن. على اختلاف مستوياتها الثقافية وأسلوب تفكيرها ، تشترك الشخصيات في الحرمان من قيم الأخوة والتسامح والإنسانية مما نغص عليها الاستمتاع بنعمة الحياة.
في كسر للقوالب الإخراجية الجاهزة والمعتادة،  يقترح المخرج  الأسعد  الصلعاني جماليات مسرحية  معاصرة  على مستوى المبنى والمعنى.  تحضر المطربة  المصرية “أم كلثوم” بقوّة  في العرض انطلاقا  من العنوان الذي  يستحضر أغنيتها “برضاك  يا خالقي”  مرورا  بهوس  البطل “توفيق” بأغنياتها وبشخصيتها وصولا إلى  توظيف باقة من أغاني “كوكب الشرق”  كمؤثرات صوتية وكإيقاعات داخلية تدعم  الرؤية الإخراجية وتصنع  اختلاف عرض “برضاك”.
عن نصّ ودراماتورجيا وإخراج الأسعد الصلعاني وكوريغرافيا ومساعد المخرج قيس بولعراس وسينوغرافيا صبري عتروس وبطولة كل من بهرام علوي وأيمن سليطي وأمان الله توكابري ومنار طنقور ومحمد عثموني  وأميرة لوبيري،  ينقل العرض تفاصيل  ليلة رعب في باريس، تمّ فيها الهجوم على ملهى للمثليين وللمتحولين جنسيا مما أسفر عن مقتل وجرح عدد من الأشخاص. كان مرتكب هذا الحادث  هو « توفيق» مواطن فرنسي يبلغ من العمر 25 عاما تسلّح  ببندقية « كلاشينكوف » أثناء اقتحام الملهى  ولقي حتفه خلال تبادل إطلاق النار مع الشرطة.
يراهن هذا المشروع المسرحي على رفع مستوى الوعي بمخاطر التمييز في معناه الواسع، وبخطورة الاستقطاب الذي يمكن أن يقع في فخّه الفرد الضعيف… هي  دعوة إلى نبذ السلوك المتطرف وإلى التخلي عن الأحكام المسبقة التي تنتج ثقافة الكراهية والعنف والطائفية… يؤكد عرض “برضاك” حاجة الإنسانية إلى العيش المشترك في سلم وسلام .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى