الوطنية

من مدغشقر… تونسي يبني حلمًا اسمه “جسر التعاون الإفريقي

في قلب المحيط الهندي، وعلى بعد آلاف الكيلومترات من مسقط رأسه، يخط المهندس المعماري التونسي محمد الحبيب بن رمضان مسيرة استثنائية في مدغشقر، حيث لم يكتف بالنجاح الشخصي، بل قرر أن يجعل من تجربته بوابةً للتعاون الاقتصادي بين تونس وإفريقيا.

بعد سنوات من الإقامة والعمل في اليونان، لم تكن وجهته التالية متوقعة: مدغشقر. اختار المغامرة في أرض جديدة بمساعدة قريب له، رغم أن الراتب كان أقل بكثير مما كان يتحصل عليه في أوروبا. لكن بن رمضان، الذي آمن دومًا أن الفرص تولد من رحم التحديات، سرعان ما اندمج في الواقع المحلي، وأسس أولى شركاته في مجال البناء، قبل أن تتوسع لتصبح مجموعة تضم عدة مؤسسات في العاصمة أنتاناناريفو.

نجاحه لم يكن نتيجة الحظ، بل نتاج رؤية واضحة، وانضباط في العمل، ودقة في التعامل، جعلته محل ثقة لدى شركائه. ومع تطور أعماله، لم ينسَ الجالية التونسية المقيمة في مدغشقر، فبادر إلى تأسيس ودادية التونسيين بمدغشقر، كفضاء يجمعهم ويوفر لهم إطارًا للتعاون والتواصل رغم قلة عددهم.

لكن طموح بن رمضان كان أكبر من العمل الفردي أو النشاط الجمعياتي. فبإيمانه العميق بإفريقيا كسوق المستقبل، أسّس الغرفة الاقتصادية التونسية الملغاشية، وهي مبادرة تهدف إلى فتح آفاق جديدة أمام رجال الأعمال التونسيين، وتعزيز الحضور الاقتصادي التونسي في إفريقيا، خصوصًا في السوق الملغاشية التي يعتبرها أرضًا خصبة للاستثمار والشراكة.

ويؤمن بن رمضان أن القارة الإفريقية لم تُكتشف بعد كما يجب، وأن تونس مطالبة بأن تكون فاعلًا أساسيًا فيها، لا مجرد متفرج. لذلك، يسعى من خلال الغرفة إلى تنظيم أول أيام اقتصادية تونسية ملغاشية في مارس 2026، بهدف جمع المستثمرين من البلدين، وبحث فرص التعاون في قطاعات متنوعة من الفلاحة والصناعات الغذائية إلى البناء والطاقة المتجددة.

يرى بن رمضان أن المستقبل يُبنى بجسور الثقة والتعاون، وأن القرب الجغرافي والثقافي بين تونس وبقية دول إفريقيا هو فرصة حقيقية لا يجب التفريط فيها. لذلك لا يكتفي بالدعوة إلى الانفتاح، بل يعمل على تجسيده يومًا بعد يوم.

قصة محمد الحبيب بن رمضان ليست فقط قصة نجاح فردي، بل هي قصة إيمان بإفريقيا، وبقدرة التونسي على التأثير والتغيير أينما حلّ، إذا ما توفرت له الرؤية والنية والإرادة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى