عقدت الهيئة الإدارية الوطنية للاتحاد العام التونسي للشّغل اليوم 3 فيفري 2023 ، اجتماعا برئاسة الأمين العام نورالدين الطبّوبي، وبعد تدارسها للوضع العام ومتابعتها للمستجدّات وخاصة خطابات التهديد والتحريض ضدّ الاتحاد، أدان الاتحاد بشدّة خطاب التخوين والتفرقة والتحريض والتجييش الموجّه ضدّ مكوّنات المجتمع المدني وسائر التحرّكات الشبابية والسياسية والاحتجاجات الاجتماعية بما فيها الإحتجاجات في جرجيس وضدّ الاتحاد من قبل أعلى رأس السلطة في تونس من مقرّ ثكنة العوينة.
واعتبر الاتحاد أنّ تصريح الرئيس قيس سعيد يُعد ضربا لحقّ الإضراب قد “تحوّل إلى غطاء لمآرب سياسية” ، ويعتبر ”خطاب تحريضي ضدّ الاتحاد ومحاولة يائسة لثنيه عن دوره الوطني وسعي محموم لتحديد مربّع نشاطه”. وأكّدت المنظمة أنها كانت منذ نشأتها وكما جاء على لسان زعيمها الشهيد فرحات حشّاد ” لا تناضل من أجل بنطلون وروسيون خبز بل من أجل وطن” ستظلّ ملتزمة بقضايا بلادنا ومهتمّة بالشأن السياسي ومشاركة بفاعلية في إنقاذه وبنائه وتقدّمه، وفي الآن نفسه، هي دوما على أهبة للنضال ضدّ محاولات اختراق الاتحاد أو عزل قياداته المنتخبة عن قواعدها أو استنساخ تجارب فاشلة في ضربه بمناوشة النقابيات والنقابيين بالكيد والتلفيق أو شنّ حملات شعواء عليهم وتجييش الرأي العام ضدّهم عبر أبواق عرفوا بتقلّباتهم وبيعهم لضمائرهم”، وفق نصّ البيان.
وعبّر اتحاد الشغل عن رفضه لسياسات استهداف الاتحاد والعمل النقابي وحقّ الإضراب سواء عبر الاعتقال وفبركة القضايا في مكاتب خارج أروقة المحاكم أو من خلال استصدار المناشير السالبة لحقّ التفاوض وللحوار الاجتماعي أو عبر أوامر التسخير غير القانونيّة أو من خلال استهداف القطاعات كما يحدث في الشؤون الدينية والنقل مثلا أو بضرب مصداقية الاتحاد بالتراجع عن تنفيذ الاتفاقيات، وذلك تعبيرا عن تشنّج السلطة ضدّ الاتحاد العام التونسي للشّغل بسبب مواقفه الرافضة لإملاءات صندوق النقد الدولي الداعية لرفع الدعم وبيع المؤسّسات العمومية وتجميد الانتدابات وتخفيض كتلة الأجور ومزيد إغراق البلاد في التداين، وبسبب توجّه الاتحاد مع شركائه في صياغة مشروع حوار وطني للإنقاذ.
كما عبّر عن رفضه لهذا الاستهداف مؤكدا تجنّده للتصدّي له بكلّ الأشكال السلمية وذكّر بأنّ محاولات الإرباك والتشكيك لن تزيده إلاّ ثباتا على مبادئهم وتمسّكا بمواقفه ونضالا في صفوف الشعب ضدّ الاستبداد ورهن البلاد.
وعبّر الاتحاد في بيانه على اعتزازه للوقفة التضامنية لكلّ الهياكل النقابية والنقابات الدولية الصديقة والقوى الوطنية والديمقراطية في تونس أو في المهجر مع الاتحاد العام التونسي للشّغل ومع أنيس الكعبي الكاتب العام للنقابة الخصوصية للطّرقات السيّارة إثر اعتقاله في قضيّة ملفّقة بمناسبة ممارسة نشاطه النقابي وتكريسه للحقّ النقابي والحقّ في الإضراب طبقا للدستور والقوانين والتشريعات الوطنية والمعايير الدولية التي خرقتها السلطة واستعملت القضاء لتدميرها والدوس عليها ونطالب بإطلاق سراح الكاتب العام المعتقل والنأي بالقضاء عن إقحامه في النزاعات الشغلية ومحاولات توظيفه والسعي لممارسة الوصاية عليه.
وجدّد اتحاد الشغل تمسّكه بالحوار سبيلا وحيدا للخروج من الأزمة المعقّدة التي تمرّ بها البلاد، وذكّر بموقف الاتحاد حول طبيعة الحوار وأهدافه وآلياته ومكوّناته الذي ضُمّن في بيانات الهيئات الإدارية الوطنية ومنها الهيئة الإدارية الوطنية التي انعقدت يوم 23 ماي 2022 واعتبر أنّ ما يجري في البلاد منذ أشهر، وخاصة بعد المشاركة الهزيلة في الانتخابات التشريعية بدورتيها وعزوف غالبية التونسيات والتونسيين عن مراكز الانتخاب ورفضهم للسياسة المتوخاة وخاصة سياسة التفقير المسلّطة عليهم، هو انحراف عن مسار تصحيحي أمل فيه التونسيات والتونسيون ودعمته القوى الوطنية لكنّه خذلهم وعمّق أزمتهم ومعاناتهم تحت شعارات شعبوية وحروب وهمية تهمّش قضاياهم الاجتماعية الحقيقية.
وأكّدت المنظمة الشغيلة تصميمها على التقدّم بمشاريع متكاملة وحلول عميقة تنقذ البلاد من أزمتها المتشعّبة على جميع الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية وتتجاوز حالة العطالة القائمة وتتصدّى إلى نزعات العودة إلى الاستبداد وتقطع في نفس الوقت مع عشرية غلب عليها الفشل والتخبّط وتعمل من أجل إرساء العدالة وطالب الاتحاد الحكومة بتنفيذ التزاماتها في تطبيق الاتفاقيات العامة الممضاة في 15 سبتمبر 2022 وكذلك الاتفاقيات القطاعية المبرمة مع الوزارات والمؤسّسات وحذّر الحكومة من مغبّة الالتفاف على هذه الاتفاقات ”والاّ سنجد أنفسنا مضطرّين إلى شنّ إضرابات في الوظيفة العمومية والقطاع العام تحدّد أطر القرار مواعيدها لاحقا، كما ندين سياسات الحكومة اللااجتماعية المفقِّرة لعموم الشعب والتي تستهدف قوت التونسيات والتونسيين ومقدرتهم الشرائية بالزيادة في الضرائب والتخفيض من الاعتمادات المخصّصة للدّعم وعبر الزيادات الجنونية في الأسعار وتفاقم عمليات الاحتكار وندرة المواد الأساسية ومواصلة السياسات النقدية الفاشلة واللاشعبية ومنها الزيادة في الفائدة المديرية ودفع الدينار التونسي إلى مزيد الانزلاق ويتزامن ذلك مع ارتفاع نسب التضخّم وتعمّق عجز الميزان التجاري والعجز عن التفاوض مع جهات التمويل الخارجي فضلا عن العجز عن توفير الموارد الذاتية”وفق نص البيان.
.
كما حمّل الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية مسؤولية تلكؤ بعض الغرف التابعة له في إمضاء الملاحق التعدينية للزيادات في القطاع الخاص. وشدّد على أنّ قراراته ومواقفه مستقلّة لا تنبع إلاّ من إرادة هياكله وقواعده ودعا اتحاد الشغل هياكله النقابية إلى التعبئة وحثّ النقابيات والنقابيين على التجنّد ورصّ الصفوف وتمتين الوحدة، كما طالبهم، كلّ من موقعه، بمواجهة الحملات الإعلامية المضادّة للعمل النقابي والمشكّكة في جدواه والمشوّهة للاتحاد وقرّر إنجاز عدد من التحرّكات الجهوية والقطاعية والوطنية.
وترحّم اتحاد الشغل على أرواح الشهداء جميعا وعلى الشهداء ضحايا الإرهاب ونحن على بعد أيام قليلة من الذكرى العاشرة لاغتيال الشهيد شكري بلعيد وجدّد مطالبته بكشف الحقيقة عن عملية اغتياله الغادرة وكذلك طالب بإماطة اللثام عن كل العمليات الإرهابية التي طالت بقية الشهداء من السياسيين والأمنيين والعسكريين ومحاسبة من قرّر ودبّر وخطّط وموّل ونفّذ.
وندّد بالجرائم البشعة التي يأتيها الكيان الصهيوني كلّ يوم وآخرها المجازر المرتكبة في جنين والضفّة الغربية أمام مسمع ومرأى من العالم وبمباركة من بعض الدول الغربية وتواطؤ من بعض الأنظمة العربية المطبّعة مع الكيان الصهيوني الغاصب ونعبّر عن تجنّدنا للتصدّي لكلّ أشكال التطبيع، ودعا كافّة النقابيات والنقابيين وعموم الشعب التونسي إلى اليقظة من تسرّب الكيان الصهيوني إلى بلادنا والتصدّي إليه ورفض التبريرات التي يسوّق إليها البعض وكذلك رفض الضغوطات التي تمارسها بعض السفارات مستغلّين الظرف الصعب التي تمرّ به بلادنا لجرّها إلى هذا المستنقع الذي جُرّت إليه بعض الحكومات العربية الأخرى أو هرولت إليه طواعية، مجدّدين مطالبتنا بتجريم التطبيع فعلا لا قولا.