فيلم “سامحني” لنجوى سلامة: بين مواجهة الموت والهرب منه حياتنا أرجوحة للفرح والبؤس
كتب:صلاح الطرابلسي
تحدثت في فيلمها عن الموت وكيف نختلف في مواجهته ورحلت ولم تشاهد رحلة ابداع صاغت تفاصيلها…رحلت المخرجة نجوى سلامة وفيلمها “سامحني” لم يحضر ولم تحضر عرضه لكن أكيد أنها ستبقى بيننا تعيش بما قدمت من أعمال اخرها هذا الفيلم الذي يشترك في صناعته ثلة من أبرز الاسماء سواء في التمثيل او الاخراج او الموسيقى …نجوى سلامة جمعت فيه في التمثيل كل من الممثل العربي عابد فهد ومحمد علي بن جمعة وسوسن معالج ومريم بن حسين ودليلة المفتاحي ورياض حمدي وحكيم بومسعود وغيرهم من الاسماء التي التقت في هذا الفيلم وفي الموسيقى أبدع رياض الفهري في وضع الموسيقى.
“سامحني” رحلة في مواجهة الموت وطريقة كل منا في مواجهته بين الخوف منه والفرح به للقاء حبيب خطفه منا الموت…وفي هذه الرحلة تفاصيل نعيشها في حياتنا اليومية وغوص في ملفات حارقة وكشف لفساد نخر هذا المجتمع وهده…ينطلق الفيلم بمشهد لفوزي(محمد علي بن جمعة) في مواجهة طبيبه المباشر الذي حدثه في السابق عن اصابته بمرض خبيث وأيامات حياته معدودة لكن عندما يعود يكتشف عن التشخيص الذي حدثه عنه الطبيب لشخص اخر…يهزه الخبر ليغادر تائها وقد هزته الحكاية ومست وجدانه وجعلته يتغير بعد ان كان ذلك القاضي الفاسد والباحث عن المال والجاه على حساب العدل تحول الى باحث عن العدل…يسعى الى التكفير عن ما اقترف وما فعل بالناس على امتداد سنوات طويلة وفي رحلة بحثه يصطدم بموقف زوجته (مريم بن حسين) وشقيقها اللذان يعملان على ان “يثوب الى رشده”ويترك طريق النقاء الذي جاء منه يوم تعرف اليهما وقبل ان يأخذاه إلى مستنقع الفساد.
فوزي القاضي الباحث عن من يطهره من ذنوبه والباحث ايضا عن الشخص المريض ليصطدم انه واحد من الذين ظلمهم ودمر حياتهم وحكم عليه ظلما منذ سنوات…وجد المستاري الذي دخل بسببه السجن ظلما وفقد زوجته وهو مسجون وأيامه في الحياة معدودة حيث اخبره الطبيب انه لم يبق من عمره سوى شهر.
في الفيلم مرواحة بين فوزي الباحث عن راحة الضمير والمستاري الذي اختار ان يقضي شهره الاخير في التحضير لمراسم دفنه واختار ان يعيش مع ذكريات زوجته وكان قويا في مواجهة الموت خلافا لفوزي الذي سكنه الخوف وبحث بكل السبل عن راحة الضمير لاحق من ظلمه منذ سنوات وعاد الى حبيبته التي هجرها ذات يوم وجدها خير سند له وشجعته على ان يواجه وان يطلب الغفران من الذين ظلمهم وتسبب في عذابهم.
تنتهي رحلة طلب المغفرة في المقبرة وعندما وجد فوزي الشجاعة ليقول للمستاري”سامحني” كان هذا الاخير قد فارق الحياة وضاعت عليه فرصة طلب المغفرة …حضر جنازته التي اختار المستاري ان تكون بالموسيقى وكانهم يزفونه من جديد الى زوجته التي رحلت عنه…وفي لحظات تلك الزفة التي اختارها تنتهي حياة فوزي بطلق ناري رحل وهو الذي حاول ان يهرب من الموت لكنه وجده ينتظره غير بعيد عن من دمر حياته ذات يوم.
اداء كبير
تميز في فيلم سامحني كل الممثلين خاصة دالي بن جمعة الذي تلون مع دور مركب وبتعابير مختلفة استطاع ان يخرج شخصية فوزي كما ارادت مخرجة العمل عابد الفهد تميز واتقن لهجتنا التونسية كما تميزت مريم بن حسين في دورها رغم قصره وبرز رياض حمدي وتالق في دوره واكد انه ممثل كبير ولمن لايعرف فرياض حمدي اسم من الاسماء البارزة في الساحة المسرحية ظلمته التلفزة واكيد انه لو وجد الفرصة لاثبت موهبته ككمثل خاصة كوميدي.
ومع الاداء الرائع والاخراج كانت الموسيقى التي ابدع في وضعها رياض الفهري وهزتنا وجعلتنا نعيش العمل من داخله حتى لنخال للحظات اننا اطراف في الحكاية.