رئيس بلدية الكرم يهدم فضاءً ثقافيا دعما لمشروع “النهضة” لوأد الثقافة
في حركة غريبة ومسترابة، أقدم رئيس بلدية الكرم الأستاذ المحامي فتحي العيوني على تنفيذ قرار صادر عنه لهدم فضاء ثقافي وترفيهي خاص لصاحبه الطبيب البيطري علاء الدين مداحي، وكان ذلك بعد يوم فقط من صدور القرار المذكور وبحضور مفرط للقوة العامة وفي تنفيذ لجرافات كان الأولى بها أن تتحرّك لمعالجة المشاكل البيئية بالضاحية المذكورة.
وببحثنا في الموضوع، تأكدنا بما لا يدع للشك مجالا أن صاحب المشروع يتحوّز بشهادة ملكية وأنّه متحصل على رخصة لتشييد الفضاء المشار إليه وأن الشركة التونسية للكهرباء والغاز والشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه قد وافقتا على تمكين صاحب المشروع من عدّادين للغرضين، وأن كل وثائقه قانونية بما في ذلك طلبه تجديد الرخصة قبل أكثر من شهر من موعد انتهاء صلوحيتها.
وقد عمد رئيس بلدية الكرم إلى إصدار قراري هدم متتاليين تحت رقمي 34 و36 ثم إلى إصدار قرار إزالة، قبل أن ينفّذ ذلك في بحر 24 ساعة من تاريخ الإعلام دون تمكين المتضرر من وقت لإزالة ما تمّ وضعه في هذا المشروع والمتمثل في جدران قابلة للإزالة دون الضرر بها، إلا أنه أصرّ على هدمها غير مبال بتكلفتها التي ناهزت 300 ألف دينار وغير مبال بكون المشروع سيوفّر ما لا يقل عن خمسة عشر موطن شغل لعائلات يضم بعضها حوالي العشرة أنفار، ويحدث هذا في بلد تعاني فيه البطالة من نسبة ارتفاع مهولة.
ومن جهته، برّر رئيس بلدية الكرم الأستاذ المحامي فتحي العيوني المنتمي لحركة النهضة هذا الإجراء الخاطئ بكون المشروع المشار إليه يقع تحت أسلاك كهربائية ذات الضغط العالي مؤكّدا أن تلك الأسلاك ترسل إشعاعات تضر بمرتادي هذا الفضاء، فيمَ نفى لنا مصدر من الشركة التونسية للكهرباء والغاز صحة هذه الإدعاءات، مؤكدا في الآن ذاته أن الشركة لا توفّر عداد الكهرباء إلا عند التأكّد من سلامة استعماله ومستعمليه في إشارة إلى أن ما ذكره رئيس البلدية المذكور يجانب الصواب.
وفي تقرير لها، أكّدت منظمة الصحة العالمية أنّ أسلاك الضغط العالي لا تتسبّب في أية أضرار، ونحن نستغرب إصرار فتحي العيوني على بثّ هذا الإدّعاء وإصراره على عدم الرّجوع إلى خبراء في مجالي الصحّة والكهرباء، إضافة إلى عدم اطلاعه على ما جاء في التقرير المذكور الصادر عن منظمة دولية تعتبر المرجع الصحّي الأهم على المستوى العالمي.
ومن جهتنا، وعند قيامنا بزيارة ميدانية لضاحية الكرم، لاحظنا أن قصر المعارض بالمكان وعديد المنشآت العمومية والخاصة تقع تحت الأسلاك ذات الضغط العالي، فلماذا لم يتجرّأ رئيس البلدية فتحي العيوني على إزالتها؟ ولماذا اختار المتضرّر دون غيره لتنفيذ هذا القرار الجائر؟ فهل هو تنفيذ لمخطط حركة النهضة لوأد الثقافة بالبلاد باعتبار أن التنظيمات الإخوانية تعتبر أن الأنشطة الثقافية من المحرّمات؟ أم هو تصرّف انفرادي عشوائي من رئيس بلدية يريد أن يقول إنّه موجود وفوق القانون وأكبر من الجميع؟ أم ماذا؟
ونشير بالمناسبة إلى أنّ فتحي العيوني، ومنذ أن تمّ نشر فحوى هذه المظلمة، ظلّ يحاول تلميع صورته وعمل بلدية الكرم من خلال الحديث عن بعض “الانجازات” على شبكات التواصل الاجتماعي بهدف ذرّ الرماد على العيون.
هذا، ونؤكد أننا نتحوّز بنسخ من الوثائق التي ذكرناها تباعا على غرار: شهادة الملكية ورخصة البناء ومطلب تجديد الرخصة وقراري الهدم وقرار الإزالة ومحاضر المعاينة وغيرها من الوثائق… ولنا عودة إلى ذات الموضوع سواء طرأ بخصوصه جديد أو لم يطرأ.
بلال الورغي