ثقافة وفنون وتلفزة

لماذا يجب أن يصبح مهرجان البحر الأبيض المتوسط مهرجانًا دوليًا؟

مهرجان البحر الأبيض المتوسط، الذي يحتفل هذه السنة بدورته الخمسين، يعد أحد أبرز الفعاليات الثقافية في تونس، حيث جمع على مر العقود بين الموسيقى والمسرح والفنون التعبيرية، ليكون منصة محلية مهمة للفنون والإبداع. ومع هذا التاريخ العريق، يصبح من الطبيعي التفكير في تطوير المهرجان ليصل إلى مستوى دولي، يفتح أبوابه للفنانين والجماهير من مختلف دول العالم، ويجعل منه فضاءً للتبادل الثقافي والحوار المتوسطي.

تحويل المهرجان إلى حدث دولي يعني تعزيز فرص اللقاء بين الفنانين التونسيين ونظرائهم من الخارج، وتبادل الخبرات الفنية والتقنيات الحديثة، ما يثري المشهد الفني المحلي ويخلق شبكة تعاون مستدامة بين المبدعين. كما أن هذا التحول يتيح للفنانين التونسيين منصة أكبر لعرض أعمالهم أمام جمهور متنوع، وفتح أبواب جديدة للتعاقدات والجولات الفنية الدولية، ما يرفع من قيمة الإنتاج الفني الوطني ويطور مسيرة الفنانين المهنية.

على المستوى الاقتصادي، المهرجان الدولي يجذب السياح من مختلف أنحاء العالم، ما يعزز السياحة الثقافية ويطيل الموسم السياحي، ويزيد الطلب على الفنادق والمطاعم والخدمات المحلية. هذا التفاعل بين الثقافة والاقتصاد يخلق فرصة حقيقية لتنمية مستدامة، ويضع تونس في مركز اهتمام المشهد السياحي والفني المتوسطي والدولي.

كما يحمل المهرجان قيمة رمزية وسياسية، إذ يعمل كسفير ثقافي يعكس صورة تونس كبلد منفتح على التنوع الثقافي والتجارب المشتركة، ويعزز علاقاتها مع الدول الأخرى من خلال الدبلوماسية الثقافية. إضافة إلى ذلك، الطابع الدولي يسهل جذب تمويل وشراكات من مؤسسات دولية وبرامج دعم ثقافي، ما يسمح بتنظيم ورشات عمل، وإقامة فنية، وبرامج تكوينية للفنانين الشباب، ويعزز البنية الثقافية المحلية.

بالرغم من هذه الفرص، يجب أن يكون التحول نحو الدولية مصحوبًا بحرص على الحفاظ على هوية المهرجان المحلية. يمكن ذلك من خلال تخصيص جزء كبير من البرنامج للإنتاج المحلي، واستضافة ضيوف دوليين يساهمون في الحوار حول ثقافات المتوسط، وتنظيم فعاليات في الأحياء والأسواق لتشمل أكبر عدد من الجماهير، مع تطوير بنية لوجستية متكاملة لاستقبال الضيوف والجمهور الدولي.

من الواضح أن تحويل مهرجان البحر الأبيض المتوسط إلى مهرجان دولي هو استثمار مزدوج: استثمار ثقافي يعزز الحوار والتبادل الفني، واستثمار اقتصادي يدعم السياحة والإبداع والاحترافية. مع التخطيط الدقيق والشراكات المستدامة، يمكن لهذا التحول أن يجعل من المهرجان منصة دولية نموذجية، تضع تونس في قلب شبكة ثقافية متوسطيّة وعالمية، مع الحفاظ على هويتها وروحها الفنية الفريدة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى