مقتطف من كتاب عزيز بوستة حول أمن الدًولة و كيفية حصول الانقلابات

إنّ العمل الأمني بتنوّعاته وتفرًعاتها يجعلنا نفهم سير دواليب الدّولة ولكنّ العمل في المصالح المختصّة وأمن الدّولة يتجاوز التطبيق الآلي للأوامر في اتّجاه فهم ميكانيزمات العمل السياسي وكيفيّة سقوط الأنظمة والثورات والانقلابات وقد كتبت ذات يوم دراسة في شكل تقرير حول كيفية تحريك الجيوش والقيام بالانقلابات العسكريّة في الدّول العربيًة وذكرت كيف أنّ الجنرال عبد الكريم قاسم انقلب على الملك فيصل وما هي الطريقة التي توخّاها للقيام بذلك.
كان المانع الوحيد للقيام بالانقلاب آنذاك على النظم القائمة هوّ الحصول على الذخيرة الحربية ففكّر عبد الكريم قاسم بالقيام بمناورة عسكريّة للجيش العراقي قصد الاستحواذ على جزء من الذخيرة بدعوى التدريب والإعداد ولمّا أتمّ المناورة طلب من الملك فيصل أن تمرً قوات المناورة من بغداد للقيام بحركة استعراضية فسمح له الملك بذلك ولمّا وصلت إلى بغداد اتًجهت إلى القصر الرئاسي وقامت بالإطاحة بالنظام وقد تحدّثت في هذا التقرير عن جعفر النميري الذي كان ضابطا في مدرسة أم درمان للتدريب العسكري وكان يكره الضبّاط المحالين من الجيش الأنڤليزي إلى الجيش السوداني إبّان الاستقلال وكان الجنرال عبّود هوّ الذي يحكم آنذاك وأثناء مناورة تدريبية استغلّ النميري الطاعة العمياء لضبّاط أمّ درمان وحرّكهم للانقلاب على السلطة القائمة كما قدّمت مثالا ثالثا عن محاولة الانقلاب العسكري على الملك الحسن الثاني بالمغرب وقتل الجنرال المذبوح من طرف الجنرال “اوفقير” لإخفاء سر محاولة الانقلاب الذي قام به النمر البربري في المدرسة الملكية بعبابو الكولونيل “عبابو” والذي كان على شاكلة ما قام به جعفر النميري.
كما نبّهت السًلطة في تونس إلى أنّ مركز الرماية بالبحيرة يمكن أن يقع استغلاله في انقلاب محتمل وهذا ما حدث يوم 7 نوفمبر 1987 حيث أنّ أغلب الضبًاط كانوا يعتقدون أنًهم يتّجهون للتدريب وهذا غير صحيح بل كانوا هناك يتّجهون لذلك المكان لقربه من قصر قرطاج ولضمان جاهزيتهم للتدخّل.