أصالة نصري تختتم مهرجان قرطاج بليلة لا تُنسى بعد غياب عشر سنوات
في ليلة مفعمة بالمشاعر والحنين، شهد المسرح الروماني بقرطاج عودة الفنانة السورية أصالة نصري بعد غياب دام عشر سنوات، لتختتم فعاليات الدورة الثامنة والخمسين لمهرجان قرطاج الدولي. عودةٌ كانت محط أنظار الجمهور الذي تدفق إلى المسرح منذ ساعات الظهيرة، حاملين مظلات لتحميهم من أشعة الشمس، وعلامات الشوق والتلهف مرسومة على وجوههم. الانتظار الطويل لم يكن عائقًا أمام إصرارهم على لقاء فنانتهم المفضلة.
مع حلول الساعة العاشرة مساءً، امتلأت المدرجات وجوانب المسرح بأصوات الهتافات والتصفيق، إذ كان الحضور في أوج حماسهم. أضاءت الهواتف المحمولة المكان وكأنها تعوض النجوم الغائبة عن سماء قرطاج، لحظة وصول أصالة إلى المسرح، وسط فرقتها الموسيقية التي تضم ستة وثلاثين عازفًا بقيادة المايسترو مصطفى حلمي. مع بدء الحفل بأغنية “أكثر من اللي أنا بحلم بيه”، بدا واضحًا عمق العلاقة بين أصالة وجمهورها، تلك العلاقة التي تمتد على مدى ثلاثين عامًا.
كانت الليلة أشبه بلقاء بين أصدقاء قدامى، تجمعهم ذكريات مشتركة وحنين إلى البدايات. تحدثت أصالة إلى جمهورها بصوت دافئ وعبارات تعكس امتنانها لهذا اللقاء، قبل أن تواصل تقديم مجموعة من أغانيها التي حملت معها خليطًا من الماضي والحاضر. من بين الأغاني التي أدتها كانت “بعدك عني” و”بنت أكابر”، كما قدمت أغنية خاصة بعنوان “تونس الخضراء” كتبت خصيصًا لهذه الليلة.
استمر الحفل لنحو ثلاث ساعات، لم يهدأ خلالها حماس الجمهور، الذي شارك أصالة في الغناء، حتى في الأغاني التي تتطلب مهارات صوتية عالية مثل “يا مجنون”. التفاعل لم يكن مقتصرًا على أصالة وجمهورها فحسب، بل شمل أيضًا أعضاء الفرقة الموسيقية الذين أظهروا انسجامًا كبيرًا مع الأجواء الاحتفالية، وقد نقلت الشاشة العملاقة لحظات فرحهم وسعادتهم بالعزف.
في نهاية الحفل، وبينما كانت أصوات التصفيق والهتافات تعلو في أرجاء المسرح، عبّرت أصالة عن امتنانها العميق لجمهورها التونسي، الذي أظهر وفاءً كبيرًا لها على مدار السنين. وفي أثناء الندوة الصحفية التي تلت الحفل، قدمت أصالة للصحفيين مقطعًا من أغنيتها “شكرا” دون مصاحبة موسيقية، كهدية ختامية ولحظة امتنان صادقة، حيث برهنت مرة أخرى على قوة صوتها وعذوبته، مختتمة الليلة بلمسة شخصية ستظل عالقة في أذهان الجميع، شاهدة على حب متبادل يمتد لعقود.
بقلم: أميرة الجبالي