هجمة شرسة على رجال الأعمال التونسيين بفرنسا و طلب تدخّل من رئيس الجمهوريّة
إنّ المعنى الحقيقي للسيادة الوطنيّة هوّ قدرة الدّولة على حماية مصالحها و مواطنيها في الداخل و الخارج و هذا أمر مبدئي و مفترض لتكون سيادة الدّولة مكتملة.
اليوم و بعد عقود من الاستقلال تحاول جهات و لوبيات في فرنسا استعادة ماضيها من خلال التدخّل في شؤون و مصالح التونسيين في تونس و المقيمين بفرنسا بشتّى السبل من خلال استغلال اتفاقات سابقة و تأويلها في اتّجاه إخضاع التونسيين هناك و مصادرة ممتلكاتهم من خلال الحصول على معلومات من أيّ الجهات الإدارية أو الأمنية لتكون ذريعة أو حجّة أو حتّى بداية حجّة لإدانتهم .
اليوم و بفضل التحصيل العلمي و جهد السنين تشكّلت طبقة من رجال الأعمال التونسيين بفرنسا و تعدّدت نجاحاتهم في قطاعات حسّاسة كانت في الماضي حكرا على الفرنسيين .
الدّولة الفرنسيّة و التي يحدّد مواقفها الرّسمية و توجّهاتها لوبيات الضغط و النفوذ اتّجهت في الفترة الأخيرة لتضييق الخناق على التونسيين بالذات و الذين أصبح لهم وزن اقتصادي و نفوذ مالي لمعاقبتهم على نجاحهم و لتحجيم دورهم في النسيج الاقتصادي هناك .
التونسيّون و الذين حاربوا قسرا لأجل فرنسا و الذين جيئ بهم أو قدموا بإرادتهم ليكونوا عملة بناء أو في قطاع الفلاحة أو في أيّ من المهن الصغرى و الشاقّة لا يسمح لهم بأن يكون لهم نفوذ أو أن يصبحوا رجال أعمال ، هوّ نوع من العنصريًة اللاّمرئية و التي يصعب إثباتها باعتبار القدرة على ممارسة العنصريّة بإخراج قانوني و سياسي لا نشاهده بالعين المجرّدة.
في هذا السياق اتًصل بي عدّة رجال أعمال تونسيين من الذين يعتبرونني أدافع عن الخطً الوطني و هذا دوري وواجبي كقلم حرّ أنحاز لهذا الوطن و لأبنائه و مصالحهم في الدّاخل و الخارج و أبلغوني عن تفاصيل تتعلّق باشتغال مصالح الجباية الفرنسية على رجال الأعمال التونسيين بالذات بحثا عن إخلالات أيّ كانت هذه الإخلالات و كيفما كانت و حينما لم يجدوا شيئا بدؤوا رحلة البحث داخل بلدهم تونس في إطار عمليّة خاصّة تهدف لضرب مصالح رجال الأعمال التونسيين في شكل تنسيق عادي بين دولتين لتخفي الحكومة الفرنسية نزعتها التسلًطية و عنصريّتها و رغبتها في التخلًص من رجال الأعمالالتونسيين .
بدأت المسألة بطلب معلومات من مصالح الماليّة في تونس و التي قدّمت لهم ما أرادوا و لم يكفيهم ذلك لإدانتهم فشرعوا في البحث عن جهات أخرى في الجهاز الإداري التونسي لتمدًه بأيّ معلومة ليلصقوا بهم أيّ تهمة و من ثمّة تتمّ مصادرة أملاكهم أو محاكمتهم.
من منطلق قانوني أو بمنطلقات وطنيّة إنّ تقديم معلومات عن تونسيين لجهات أجنبيّة هيّ عمليّة تتعارض مع واجبنا الأخلاقي و القانوني و تخلًي عن أبنائنا بكلّ المقاييس و المقاسات و من يقوم بها يجب أن يتحمّل مسؤوليته القانونية و الأخلاقية أمام شعب بأسره لأنّ وصول تونسي لذلك المستوى (رجل أعمال)هيّ رحلة كفاح و تضحية انطلقت من هذه الأرض بعرق و دم أمّهات و آباء ضحّوا بحياتهم لتعليم أبنائهم و علّموهم المثابرة و العمل و رحلة شاقّة قطعها هؤلاء لاقتلاع مكانهم في النسيج الاقتصادي الفرنسي و الحواجز الموضوعة هناك و المنافسة الشرسة … و بعد ذلك يطلبون من بلدهم أن يساعدوهم في إدانتهم ليسهل التخلّص منهم و افتكاك أرزاقهم التي جمعوها بعرق السنين.
على الدّولة أن تتحمّل مسؤولياتها في الدفاع عن أبنائها أو على الأقل عدم تقديم المعلومات أو ما يدينهم للمصالح الفرنسية و التي أصبحت نواياها واضحة و رغبتها في التخلّص منهم بكلّ السبل .
في الدّول التي تحتضن أبنائها تسعى الدّولة و الديبلوماسية الاقتصاديًة لاقتلاع شراكات و أسواق لرأسمالها الوطني و نحن اليوم و بعد عقود من الاستقلال أصبحنا نطالب بالحدً الأدنى من الأدنى وهو عدم تقديم المعلومات لجهات أجنبية لكي لا تدين أبناءنا من الذين و تجد ذريعة لإدانتهم !و الحال أنّه كان من المفترض أن نشتغل على عودتهم للاستثمار في أرضهم و أن نقدّم لهم كافّة الحواجز و التسهيلات خاصّة و نحن في أمسّ الحاجة للعملة الصّعبة و التي أصبحت أصعب في السنوات الأخيرة.
ما لا يعلمه كثيرون أن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان تقيّم القضاء الفرنسي بشكل سلبي و تعتبره متخلًفا تشوبه عدّة نقائص و ثغرات و هذا مثبت في عشرات القرارات للمحكمة الأوروبية و في التقارير الإعلامية و بالتالي فإنّ الاعتقاد أو التعويل على نزاهة و حيادية القضاء الفرنسي في غير محلّها و إذا كان ذلك كذلك فمن واحب الدّولة أن تحجم عن تقديم المعلومات للجهات القضائية الفرنسية وهي تعلم مسبقا أنّ سيتمّ استغلالها لتوريط التونسيين.
إنّ توقيع تونس على المعاهدات الدّولية للتعاون الأمني و تبادل المعلومات مع الأوروبيين يتمّ استغلالها اليوم لأسباب سياسية تتعلًق بتحجيم القوّة المالية للتونسيين هناك و هذا أصبح أمرا معلوما و معلنا و بالتالي أصبح تقديم المعلومات عن التونسيين للمصالح الفرنسية جريمة في حقّهم و دعما لسياسات عنصرية على حساب مواطنينا و أبناء جلدتنا .
لهذه الأسباب وجّهت هذه الرسالة لرئيس الجمهورية شخصا و رأسا ليتدخّل بشكل عاجل في هذا الموضوع و الذي لم يعد يحتمل تأخيرا و لا تأجيلا دفاعا عن سيادتنا و مواطنينا الذين يتعرّضون لعنصريّة مخفيّة و مقنّعة و لمؤامرة مكتملة الأركان.
فوزي النوري 26أفريل 2024