فيما يتواصل صعود أسهم زيت الزيتون خارجيا:الطماطم.. ذهب تونس الأحمر الممنوع من التصدير!!
خلال الثمانية أشهر الأولى من الموسم الفلاحي بلغت قيمة صادرات زيت الزيتون 2700 مليون دينار أي ما يمثل خمسين بالمائة من الصادرات الغذائية و5 في المائة من اجمالي صادراتنا إلى الخارج..
ومن المتوقع أن ترتفع صادرات الذهب الأصفر إلى 3 آلاف مليون دينار في نهاية الموسم٬ وذلك يرجع بالأساس إلى ارتفاع أسعار زيت الزيتون بــ50 بالمائة مقارنة بالسنوات الفارطة بالرغم من تراجع الإنتاج في الموسم الفارط بنسبة 15 بالمائة مقارنة بالموسم الذي قبله حيث كان في حدود 180 ألف طن سنة 2022 و 211 ألف طن سنة 2021 بحسب أرقام رسمية.
أرقام لها دلالات
قامت الدنيا ولم تقعد عندما أتحفنا أحد الوزراء السابقين بمقولة «إنّ استهلاك زيت الزيتون ليس من عاداتنا» حيث أضحت محل سخرية بأتم معنى الكلمة بالرغم من أنه بالتمعن في حقيقة مقاصده لم يكن مجانبا للصواب ذلك أن صعود أسهم الأسعار العالمية لزيت الزيتون جعله ليس في متناول عموم العائلات من ذوات الدخل المحدود وحتى المتوسط ليحدث تغيير جوهري في عاداتنا الغذائية ويتخلى غالبية الناس عن اعتماد زيت الزيتون في الطهو مكتفين باستهلاكه في إعداد السلاطة أو تناوله مع الخبز وهكذا تراجع حجم الاستهلاك الوطني إلى حدود 35 ألف طن سنويا بينما أصبح استهلاك الزيوت النباتية بمختلف أصنافها يتجاوز 300 ألف طن سنويا..
وفي الأثناء تحولت الثروة الوطنية لزيت الزيتون إلى مادة استراتيجية قابلة للتصدير ناهيك أنه في الموسم المنقضي 2021-2022 وبحسب احصائيات أوردها المرصد الوطني للفلاحة بلغ حجم صادراتنا من الذهب الأصفر 208 آلاف طن منها 87 بالمائة زيت سائب و 13 بالمائة زيت معلّب لنكسب ايرادات اجمالية تناهز 2٬2 مليار دينار وذلك بعد تحقيق صابة قياسية بــ 240 ألف طن وليس 211 ألفا كما ورد في الأرقام الرسمية..
وهذه السنة تُواصل أسعار زيت الزيتون التحليق عاليا بسبب الأزمة المناخية التي كان تأثيرها قويا على إسبانيا المنتج العالمي الأول ويكفي القول إنّه حتى موفى شهر أوت الماضي حققت بلادنا عائدات بــ 2٬9 مليار دينار بزيادة نحو مليار دينار عن الفترة نفسها من العام الفارط وأوضحت بيانات الديوان الوطني للزيت أننا صدرنا قرابة 175 ألف طن بينها 17٬5 ألف طن زيت معلب مما رفّع في قيمة الايرادات بـ 367 مليون دينار..
وتشير التقديرات إلى أن الطلب على زيت الزيتون التونسي سيتزايد هذه السنة فيما ستتراجع نسبيا الكمية المعدة للتصدير إلى حدود 65 ألف طن تقريبا..
ويرجح أن يتراوح سعر اللتر الواحد على المستوى الوطني بين 20 و 22 دينارا بينما يكون معدله في الأسواق الخارجية بين 10 و 12 أورو مع امكانية أن يناهز سعر زيت الزيتون التونسي 17 أورو للتر نظرا لجودته.. بل إن التكهنات لم تستبعد صعود ثمن اللتر الواحد محليا إلى 25 وربما 30 دينارا في صورة الاعتماد المكثف على التصدير وذلك لتحقيق رصيد جيد من العملة الصعبة تبدو بلادنا في حاجة متأكدة إليه أكثر من أي وقت مضي..
الذهب الأحمر
في المقابل تتخذ الدولة مسارا مختلفا تماما في التعامل مع ثروتنا الوطنية من الطماطم٬ هذا الذهب الأحمر الذي بامكانه تعزيز ايراداتنا من العملة الصعبة لو تمعّنّا جيدا في الأمر.. ففي الموسم الفلاحي 2021-2022 بلغ انتاجنا من الطماطم 610 آلاف طن فيما ناهزت الكميات المحولة من معجون الطماطم 93 ألف طن وأما مداخيل التصدير لسنة 2021 فكانت في حدود 130 مليارا.
وبالنظر إلى أن معدل الاستهلاك الوطني من الطماطم المركزة هو في مستوى 100 ألف طن تقريبا فقد تم اتخاذ قرار بمنع التصدير سنة 2022 وأيضا هذه السنة لتتجمد مداخيل القطاع في هذا المجال للعام الثاني على التوالي في حدود الصفر بالرغم من أن التقديرات تشير إلى تجاوز الإنتاج الجملي من الطماطم 650 ألف طن..
وطبيعي أن تعطي الخيارات الحكومية الأولوية للاستهلاك الوطني في هذه المادة الأساسية وتضغط بكل الوسائل الممكنة لتتحكم في تكلفتها محافظة على المقدرة الشرائية المتآكلة للمواطنين لكن ذلك لا يبرر المضيّ في استهداف القطاع من خلال عديد المغالطات المتعلقة بما يروج حول الزيادة غير المبررة في سعر الطماطم دون الانتباه إلى حقيقة تكلفتها وجودتها والأهم من ذلك كل المساعي المبذولة للحفاظ على منظومة الانتاج التي تواجهها تحديات كبرى وعلى رأسها حماية الفلاحين ومؤازرتهم أوقات الشدة والحفاظ على ديمومة الانتاج رغم شح الموارد المائية بسبب الجفاف التي تعاني منه منطقتنا..
و مما لا شك فيه ان هناك حلولا ممكنة لاعادة تشغيل ماكينة التصدير المعطبة و تحقيق استفادة قصوى منها و لن يتسنى ذلك سوى بتشريك اهل المهنة في رسم الاستراتيجيات الكبرى.