“حياة فوق الألغام”… فيلم تونسي الإنتاج يسلط الضوء على أوجاع مدويّة
على طول الشريط الجبلي الغابي المتاخم للحدود التونسية الجزائرية، تحديدا في ولاية القصرين وسط غرب تونس، لقي المئات من التونسيين من المدنيين والأمنيين والعسكريين حتفهم ومنهم من أصيبوا بإعاقات بدنية أو عاهات حركية أو بصرية أو سمعية سترافقهم طيلة حياتهم، جراء انفجار ألغام زرعتها المجموعات المتشددة المسلحة، فأصبح عشرات الالاف من السكان الذين ترتبط أنشطتهم الاقتصادية والحياتية بهذه الجبال يسيرون يوميا نحو المجهول بل هناك في العائلة الواحدة من اكتوى بأكثر من ضحية.
هذا ما تناوله فيلم “حياة فوق الألغام” الذي عُرض على شاشة تلفزيون العربي، إنتاج المنتجة التونسية الشابة زينة خليفة، التي عادت من جديد وبقوة متحدية الصعاب كعادتها، لسعيها المستمر إلى النجاح نحو القمة، باحثة عن مكانة لتحفر اسمها في عالم الإنتاج والإعلام.
“لم يكن تسليط الضوء على هذه القضية اعتباطيا” هكذا بدأت خلفية حديثها حول الفيلم، حيث أكدت أن الأمر يعود لسببين، أولهما التركيز على الظروف المعيشية الصعبة والقاسية التي يعيشها مواطنو تلك المناطق منذ عام 2011، خاصة الضحايا منهم، مؤكدة أن الألغام ما تزال خطرا جاثما يهدد حياة المواطنين هناك، كما أن الفيلم تناول الجهود الحثيثة التي تبذلها قوات الأمن التونسي لمكافحة الإرهاب وتمشيط المنطقة من تلك الألغام.
وحول ظروف العمل والتجربة التي عاشها فريق العمل، قالت خليفة إن ظروف العمل لم تكن سهلة لكنهم تحدّوا الخوف والمخاطر، شاكرة بهذا الصدد وزارة الداخلية التونسية وإقليم الحرس الوطني بالقصرين الذين أبدوا استعدادهم الكامل والدعم وتوفير الحماية للفريق، مشددة أنهم لم يدخلوا المنطقة العسكرية احتراما لخصوصيتها.
وتواصل التصوير مدة عشرة أيام تنقلوا خلالها ما بين جبال سمامة ومغيلة والشعانبي، لمقابلة الضحايا وذويهم، إضافة إلى لقاء أمني أصيب جرّاء تلك الألغام لنقل معاناتهم وتجربتهم القاسية.
“الإعلام رسالة سامية تسعى لنقل الحقيقة من جهة، وفي أحيان أخرى تسعى لمحاولة تقديم العون لمن يحتاجونه بعد تسليط الضوء على قصصهم” هذا ما أكدت عليه خليفة حين سُئلت عن الهدف من الفيلم، وكان ذلك من خلال تفاعل والي ولاية القصرين رضا الركباني مع الضحايا، حيث زارهم وقدم لهم العون والعلاج، وهكذا يظهر جليا الهدف من الأفلام الوثائقية، ليس فقط تسليط الضوء على القضايا بعينها بل لتقديم المساعدة قد الإمكان.
وعبرت المنتجة الشابة عن رغبتها بأن يكون الفيلم تعليمي، معتبرة إياه عملا وطنيا انطلاقا من مسؤولية الإعلام المجتمعية، متمنية تبينه من قبل وزارة التعليم ونشره في المدارس حيث أن من بين أهدافه أن يتعرف الطلبة على حياة هؤلاء وتثقيفهم حول ما يدور حولهم من أحداث تخص بلدهم، والخطر الجاثم الذي تخلفه الحروب ويذهب ضحيتها أبرياء لا حول لهم ولا قوة، كما يهدف إلى رفع الحجاب عن صراع يومي ظل صامتا في تونس رغم دوي الألغام.
وشكرت خليفة فريق العمل الذي كان على قدم وساق ليخرج “حياة فوق الألغام” بهذا النجاح، المخرج أشرف الغربي، المدير الفني والصورة والجرافيك محمد أمين بلحاج، مدير التصوير مجدي سيبوري، مهندس الصوت مروان برابيرو، والصحفية غادة الطرابلسي، وفي الخدمات اللوجستية حليمة مسعودي واسكندر سميري، وفي التعليق الصوتي غسان الطاهر، وإنتاج التلفزيون العربي 2023.