برنامج التنمية المندمجة بمعتمدية التضامن :بصيص من الأمل للفئات الهشة
في ظل غياب حلول تشغيلية سواء في الوظيفة العمومية أو في القطاع الخاص يأتي برنامج التنمية المندمجة، الممتد بين سنتي 2018 و2023، كحل أو طريق للخروج من أزمات البطالة الخانقة سواء لأصحاب الشهائد العليا أو لأصحاب المهن والحرف. ففي حي يعتبر الأكبر في تونس بين كل الأحياء الشعبية من حيث الكثافة السكانية، يعيش أكثر من 100 ألف ساكن في حوالي 3 كلم مربع فقط من المساحة. يعج حي التضامن من ولاية أريانة مكان بالفئات الهشة والمهمشة اقتصاديا وثقافيا واجتماعيا. ويعتبر الشباب العاطل عن العمل جزءا كبيرا من هذه الفئات يحلمون بواقع أفضل ومورد عيش يضمنون به حياة كريمة ويدخلون به معترك الحياة.فإذا وطئت قدماك أحد مقاهي مدينة التضامن، الكثيرة، ستجد أن أغلب روادها من العاطلين عن العمل أو صحاب الحرف الباحثين عن يوم من العمل قد يأتي وقد لا
تجارب ناجحة لكن…
نجح برنامج التنمية المندمجة في بعث حركيه اقتصاديه محليه ودعم التشغيل بالجهة نسبيا وقد لاحظنا نجاح العديد من الشباب في بعث مشاريع ناجحة على سبيل الذكر لا الحصر مشروع لإنتاج الاجبان وورشات لصناعه الجبس واخرى في نجاره الألمنيوم والحدادة… وهي مشاريع رأت النور بعد استكمال كافة الشروط المتعلقة ببعث مشروع، فمن بين هؤلاء أحمد بن عمار الشاب الذي اقتحم غمار المبادرة وأنشأ مشروعا لصناعة الأجبان بكلفة 70 ألف دينارا ويشغل 6 أشخاص.
كذلك هيفاء النويري التي تمتعت بتمويل قدر ب 60 ألف دينار لبعث مشروع وحدة تطريز تشتغل فيه رفقة أختها وعاملتين من أبناء المنطقة، كما نجح منذر التوايتي في تطوير مشروعه المتمثل في نجارة الألمنيوم والبلور ويشغل حوالي 5 من أبناء الحي ويسعى اليوم الى توسعة مشروعه بعد أن لاقى نجاحا ملحوظا…
لكن في المقابل يعتبر العدد قليلا جدا مقارنة بعدد المعطلين عن العمل بمنطقة التضامن والذي يعد بآلاف الحالمين بمستقبل أفضل، مما يستوجب تحركا أكبر من الدولة لفائدة هذه الفئات الهشة وهو ما يعتقده “ح.ع” أحد شباب حي التضامن الباحث عن مورد رزق بعد أكثر من 14 سنة من التخرج.
هل يضع برنامج التنمية المندمجة حلا لمعاناة أصحاب الشهائد العليا؟
في مقابل قصص النجاح المذكورة، توجد قصص مشاريع أخرى كثيرة معطلة لسبب أو لآخر ومن بينهم “ح” و”ش”، وهما زوجان يحملان شهادات عليا عاطلان عن العمل لا مورد رزق لهما وفي عهدتهما ثلاثة أطفال يتقاسمون غرفة على سطح منزل لا يكادون يتحصلون على قوت يومهم… انقطعت بهما السبل واغلقت في وجههما أبواب الانتداب في الوظيفة العمومية والخواص أيضا رغم تعدد المحاولات والمناظرات ومطالب التشغيل. لا تتمتع هذه العائلة بأبسط الحقوق الاجتماعية والاقتصادية بما فيها الصحة والسكن اللائق خاصة وأن طفلين يدرسان في الابتدائي والثالث في سن الثالثة. بعد سنوات من اليأس اختار الابوان ان يبعثا مشروعا بسيطا لعله يخرجهم من ويلات الفقر والبطالة فطرقا أبواب لجنة التنمية المندمجة للانتفاع بتمويل لمشروعهما المتمثل في تثمين نفايات البلاستيك ورسكلته فحظيت الفكرة بالموافقة وتمتعت “ش” بدورة تكوينية بقيت إثرها تنتظر أكثر من سنة والى حد كتابة هذا المقال لم ير المشروع النور وبقيت دار لقمان على حالها.
السيدة إيمان كمون عزيب المنسقة الجهوية لبرنامج التنمية المندمجة بولاية أريانة / المندوبية العامة للتنمية الجهوية (السيدة الوحيدة من بين 24 منسق جهوي)، تحدثت عن كل التفاصيل المتعلقة ببرامج التنمية بمعتمدية التضامن عامة ووضعية “ش” و “ح” خاصة. حيث أفادت ان المشروع حظي بالموافقة على التمويل ولا يزال قائما الّا ان التعطيل يكمن في عدم توفر العقار وسوف يتم تمويل المشروع في صورة توفير محل لتركيز الآلات وهو ما عجزت عنه صاحبه الفكرة بسبب فقدان محل للكراء بمنطقه التضامن خاصه وان هذا المشروع يتطلب مساحة ومحلا بعيدا عن المتساكنين لما يتسبب به من ضجيج يزعج الاجواء وقد نصحتهم المنسقةبإعادة التفكير في فكره مشروع اخر ووعدت بالمساعدةوالمرافقة.
وبما ان بعث المشاريع يتطلب تمويلا ذاتيا، تكفلت الإدارة الجهوية للتنمية بتوفير التمويل الذاتي ل 70 مشروعا يقع سداده على سبع سنوات بلا فوائد كذلك توجد منحة مرافقة من الوكالة الوطنية للتكوين المهني.
حسب السيدة إيمان كمون، تم رصد 2.7 مليون دينار لتمويل مشاريع فردي وتلقت اللجنة حوالي 120ملفا وقد حظيت كل هذه المطالب بمقابلات شخصيه وقد حظي70 ملفا منها بالموافقة بالتمويل من قبل البنك التونسي للتضامن بكلفه ماليه ناهزت ال 1340,000 دينار ومكنت من توفير اكثر من 150 موطن شغل 42 منها اصحاب الشهائد عليا كما تم تخصيص حوالي 300.000 دينار لعنصر التكوين وتمتع 30 شابا وشابه بتكوين في مجال اللحام بالقوس الكهربائي والتكييف الصحي كما حضي 50 شابا وشابه بالتكوين في المجال الرقمي بكلفة ناهزت 180,000 دينار وهي كلفت الاتفاقية مع القطب التكنولوجي بالغزالة مع العلم ان لجنه العناصر الفرديه اقترحت منحه مساهمه بقيمه 10% من قيمه كلفه المشروع يوفرها بنك التضامن.
وتدعو السيدة ايمان كمون شباب وشابات حي التضامن الى التقدم الى اللجنة المندمجة بمقترحات مشاريع ومن المستحسن ان تتلاءم هذه المشاريع مع طبيعة المنطقة وان تكون ذات مردوديه تتماشى مع متطلبات السوق كما يجب ان تتوفر في المترشح شروط الانتساب للمنطقة اولا وايضا الجانب الاجتماعي مهم لقبول الملف
نقص كبير في اقبال الشباب على بعض المشاريع
بالرغم من توفر الميزانية والاموال المرصودة لبعث المشاريع وإمكانية تعزيزها بميزانية تكميلية وتشجيع الشباب على خوض غمار المبادرة والاقبال على التكوين في مجالات متعددة على غرار المشاريع الرقمية، الا ان اقبال الشباب لا يزال محتشما بسب الخوف من الفشل او التفكير التقليدي في دخول الوظيفةالعمومية او الهجرة خارج تراب الوطن. ناهيك عن تشبث الشباب في عقلية ” المسمار في حيط..” وهو ما يجعلهم يصرفون الأنظار عن هذه التجارب.
ولا تزال بعض العراقيل الأخرى التي تواجه الشباب المقبل على بعث المشاريع وأعرب الكثيرمنهم عن تخوفهم وعزوفهم بسببها لعل أبرزها ارتفاع نسبة الفائدة التي تصل إلى 13٪ كذلك المشاكل العقارية خاصة في ظل محدودية الحلول لتسويغ المحلات في منطقة تعاني الاكتظاظ وفقدان المساحات الشاغرة لإنشاء المشاريع مما يستوجب البحث عن حلول خارج حدود معتمدية التضامن.
التنمية المندمجة بين الاهداف والمبادئ
يهدف برنامج التنمية المندمجة إلى بعث حركية اقتصادية محلية، ودعم التشغيل بالجهات وتعزيز مؤشرات التنمية البشرية لتحسين نوعية حياة الفرد والمحافظة على المحيط
كما يحتوي البرنامج على تدخلات في صيغة اندماجية ومتنوعة يتضمن المشاريع الفردية المنتجة التي تهدف إلى توفير فرص شغل للباعثين والمستثمرين الجدد في مجالات الفلاحة والمهن والمؤسسات الصغرى والصناعات التقليدية إضافة إلى العناصر الجماعية التي تساهم في تحسين ظروف عيش السكان وتطوير البنية الأساسية المنتجة والتجهيزات الجماعية.
اما بالنسبة لأهم مبادئ التنمية المندمجة فهي تعزيز مبدأ التشاركية في مختلف المستويات انطلاقا من المحلي فالجهوي ثم الوطني، من خلال الحرص على توسعة دائرة المشاركة لتشمل جميع الأطراف المعنية من سلط محلية وجهوية وأعضاء مجلس نواب الشعب وممثلي المنظمات غير الحكومية والمصالح الفنية الجهوية والمركزية وهياكل المساندة والمؤسسات البنكية ومختلف مكونات المجتمع المدني ذات العلاقة مع العلم انه لا يوجد اي تأثير لحل المجالس البلدية على عمل لجان التنمية المندمجة. وأيضا دعم اللامركزية عبر إعطاء الجهات المجالس المحلية والجهوية صلاحيات أوسع في الاستنباط وفي ضبط الأولويات التنموية لفائدة مناطق التدخل المعنية مع مراعاة قابلية الإنجاز الفني والانصهار في إطار الاستراتيجيات القطاعية التكامل مع البرامج والمخططات التنموية لمختلف القطاعات وتفادي ازدواجية التدخل مع الحرص على مراعاة الاندماجية بين المكونات
أحمد حمدي