بيان بخصوص الفساد المتمثل في الإبقاء على الأحكام الجبائية الفاسدة التمييزية وغير الدستورية
لا يخفى على الملمين بعالم الفساد التشريعي أنه تم تمرير احكام فاسدة تمييزية وغير دستورية بالتشريع الجبائي ومجلة الشركات التجارية بغاية خدمة مصالح خاصة ونهب المؤسسات وابتزازها واغتصاب مجال تدخل المستشارين الجبائيين والمحامين كتلك التي تشترط الانتفاع بحق من قبل صنف من المؤسسات دون سواها بالإدلاء بتقرير صادر عن مراقب حسابات بخصوص قوائمها المالية كأحكام الفصل 15 من مجلة الاداء على القيمة المضافة والفصل 19 من قانون المالية لسنة 2015 الذي قنن الابتزاز والفصل 47 من قانون المالية لسنة 2016 والفصل 54 من مجلة الضريبة على دخل الاشخاص الطبيعيين والضريبة على الشركات التي كرست حالة من التمييز بين المطالبين بالاداء الملزمين وغير الملزمين قانونا بتعيين مراقب حسابات عند استرجاع فوائض اداء والفصل 48 سابعا من مجلة الضريبة على دخل الاشخاص الطبيعيين والضريبة على الشركات الذي نص على ان الخسارة المتاتية من التخلي عن دين لفائدة مؤسسة تمر بصعوبات لا تقبل للطرح الا اذا كانت حسابات المؤسسة المتخلية والمؤسسة المنتفعة بالتخلي خاضعة لمراجعة مراقب حسابات والفصل 49 ثالثا من نفس المجلة الذي منح المجامع امكانية التصريح بنتيجة مجمعة شريطة ان تكون حسابات الشركات المكونة لتلك المجامع خاضعة لمراجعة مراقب حسابات والفصل 49 عاشرا من نفس المجلة الذي لم يمنح امتيازا إلا للشركات المدمجة التي صادق مراقبو حسابات على قوائمها المالية والفصل 23 من مجلة التسجيل والطابع الجبائي الذي كرس حالة من التمييز عند التسجيل. وللدلالة على ان الاحكام الجبائية التمييزية وغير الدستورية المتعلقة بارجاع فوائض الاداء دون التثبت من صحتها بصفة مسبقة فاسدة، يكفي معرفة ان إدارة الجباية لم تجد اثرا لبعض المؤسسات التي منحتها تسبقات بعنوان فوائض اداء وان بعض المؤسسات التي تحصلت على كامل الفائض تبين انها مدينة للخزينة العامة ولهاته الاسباب تم التنصيص على خطية بما قدره 100 بالمائة من المبلغ المسترجع دون وجه حق في اطار الفصل 35 من قانون المالية لسنة 2017. ان التدقيق الجبائي او القانوني، الذي تم ادراجه صلب الاحكام الجبائية الفاسدة في دوس على الفصل 65 من دستور 2014، يختلف تماما عن التدقيق المحاسبي الذي تم تعريفه بالفصل 258 من مجلة الشركات التجارية: “يحقق مراقب الحسابات وتحت مسؤوليته في سلامة حسابات الشركة ويضمن نزاهتها طبق الاحكام القانونية والترتيبية الجاري بها العمل…”. فالتدقيق المحاسبي المشار اليه بالفصل 258 من مجلة الشركات التجارية الذي يرمي الى ابداء راي بخصوص صحة المحاسبة والذي يعتمد على تقنية السبر والانتقاء لا يمكنه باي حال من الاحوال ان يضمن صحة فائض الاداء. اذا، فمراقب الحسابات الذي يمكن ان يكون خبيرا محاسبا او محاسبا تتمثل مهمته في ابداء الراي حول صحة المحاسبة وشفافيتها، علما ان المحكمة الادارية اكدت من خلال قرارها التعقيبي عدد 35770 المؤرخ في 19 جوان 2006 ان مصادقة مراقب الحسابات لا تضمن صحة المحاسبة وشفافيتها، دون الحديث عن المؤسسات التي طالبتها ادارة الجباية بدفع مبالغ ضخمة تقدر في بعض الاحيان بعشرات ملايين الدينارات رغم المصادقة على محاسبتها دون تحفظ من قبل مراقب حسابات، وادارة الجباية على علم تام بتلك الملفات. كما ان المحاكم الفرنسية اكدت من خلال العديد من قراراتها ان الخبير المحاسب او مراقب الحسابات لا يمكنه القيام بمهام تدقيق جبائي او اجتماعي او قانوني وبالأخص في القضية التي انتحل فيها مكتب التدقيق المالي “الما كونسلتنق” صفة المحامي من خلال قيامه بمهام تدقيق اجتماعي وكذلك القرار عدد 13/06016 الصادر بتاريخ 18 سبتمبر 2014 عن محكمة الاستئناف بفرساي بخصوص بطلان اتفاقية تدقيق جبائي مبرمة مع مكتب تدقيق مالي ومحاسبي وذلك لعدم الاختصاص باعتبار أن التدقيق الجبائي يدخل حصرا ضمن مهام المحامي والمحامي المستشار الجبائي. الا يعلم الفاسدون ان التدقيق الجبائي هو شكل من أشكال الاستشارة القانونية ذات الطابع الجبائي وممارستها بطريقة غير قانونية تدخل تحت طائلة الفصل 84 من المرسوم عدد 79 لسنة 2011 المتعلق بمهنة المحاماة والفصل 291 من المجلة الجزائية؟ ان التوسيع بطريقة فاسدة وملتوية في مهام المهن المحاسبية المضبوطة بقوانين أساسية في اطار قوانين المالية التي هي قوانين عادية يعد مظهرا من مظاهر الفساد وفيه دوس على احكام الفصل 75 من دستور 2022. لا ننسى ايضا الاحكام الفاسدة التي تم تمريرها بالفصول 13 وما بعده من مجلة الشركات التجارية والامر 1546 عدد لسنة 2006 المتعلق بمقاييس تعيين مراقب حسابات الذي تم تمريره في ظروف مشبوهة وفاسدة لنهب المؤسسات وبالأخص المجهرية واثقال كاهلها من خلال الزامها بتعيين مراقب حسابات. ان قمة الفساد ان يتم اجبار المؤسسات على تعيين مراقبين اثنين للحسابات (2) دون فائدة تذكر وقد اثقل ذلك كاهل المؤسسات المهددة اليوم بالاندثار نتيجة لتعفن محيط الاستثمار. ورغم العرائض التي بعث بها المتضررون بما في ذلك المؤسسات ومنظمات مكافحة الفساد والأسئلة الصادرة عن البعض من اعضاء مجلس نواب الشعب الا ان الفاسدين الذين يقفون وراء تلك الاحكام الفاسدة التمييزية وغير الدستورية التي تم تمريرها في ظروف فاسدة والتي لا نجد لها مثيلا بتشاريع دول القانون اصروا على الابقاء عليها. ان تلك الاحكام الفاسدة التمييزية وغير الدستورية التي لا نجد لها مثيلا بالتشاريع الاجنبية والتي الحقت اضرارا جسيمة بالخزينة العامة والمؤسسات والمهنيين الذين تم اغتصاب مجال تدخلهم جاءت مخالفة بصفة صارخة للفصول 19 و22 و23 و29 و74 و75 من دستور 2022 وكان على رئيس الجمهورية الحريص على تطبيق احكام الدستور والتصدي للفساد التشريعي ورئاسة الحكومة الإسراع بحذفها في اطار مشاريع قوانين المالية قبل الطعن في دستوريتها امام المحكمة الدستورية.
بالنظر للتبعات الكارثية لهذا الفساد التشريعي، هل سيبادر رئيس الجمهورية في اطار قانون المالية لسنة 2023 بتطهير التشريع الجبائي ومجلة الشركات التجارية من الاحكام الفاسدة التمييزية وغير الدستورية التي تم تمريرها في ظروف مشبوهة لخدمة مصالح خاصة وكذلك بفتح تحقيق في الفساد التشريعي وفي فوائض الاداء التي تم ارجاعها دون وجه حق في اطار الاحكام الجبائية الفاسدة المشار اليها أعلاه وبالأخص الفصل 19 من قانون المالية لسنة 2015 الذي قنن الابتزاز؟
مرصد الشفافية والحوكمة الرشيدة
الرئيس العربي الباجي