بين النهوض و السقوط .. حاكم عادل
كتب:محمد علي عقربي
إستفزني كثيرا تصريح والي صفاقس الذي نعت مواطنيه بنعوت غير مقبولة .
توقفت قليلا ، ثما تسائلت مالذي يدفع مسؤول سامي لمثل هذه التصريحات ؟
ثم أجبت عن السؤال بمفردي .
إن الدول المتعثرة تبحث عن حلول من خارج الصندوق كي تتمكن من تجاوز ديونها و بناء مناخ تنموي ملائم للإرتقاء بمجتمعاتها و في هذه الحالة أعود إلى تجربة البناء من البداية (بناء الدولة الوطنية) حيث تمت هندسة الدولة التونسية بخلافات سلبية (صراعات سياسية) في رأس الحزب الحاكم (بورڤيبة و بن يوسف ) ثم و بناء عليه كانت مناويل التنمية الأولى تبعث بجهات على حساب جهات أخرى و إعترفت الدولة التونسية بذلك في الكتاب الأبيض سنة 2011 و بقية نتائج هذا التفاوت إلى هذه الساعة ، حتى بعد ثورة 2011 لم يتغير شيء او لنقل اما نرى أشياء ملموسةقد تغيرت و هنا يكمن الخطر ، فعدم الإستحابة لمطالب الشعب قد تعطي نتائج عكسية مع مرور الزمن .
نحن اليوم في أمس الحاجة لمراجعة تركيبة المجتمع و أن نعطي فرصة للذين يفكرون من خارج الصندوق و أن نراهن على إمكانياتنا الوطنية بعيدا عن منطق الإملاء الخارجي ، للتعاطي مع الملفات المطروحة داخليا و خارجيا .
داخليا من خلال كسر منظومة الريع و الإحتكار التي ألقت القبض على الإقتصاد التونسي و تحكمت في مفاصله بدقة (فلاحة ، صناعة ، بنوك) و تحرير المبادرة لبناء منظومة إقتصادية تستجيب لمتطلبات السوق العالمية و بناء حركة خدماتية و صناعية تقبل مبدأ المنافسة ، و تعزيز صفوف هياكل الدولة بإطارات تستوعب حركية السوق العالمية فمن غير المعقول أن نقدم الدولة التونسية نفس الملف التقني لشركة Paypal و يقابل كل مرة بالرفض فمن البديهي أن يحدث ذلك فالقاعدة الثابتة فالرياضيات تقول “نفس المعادلة ستعطي نفس النتيجة” ، و خارجيا من خلال بناء علاقات إقليمية ممتدة لا تنحصر على شركاءنا التاريخيين فإفريقيا بوابة صراع التنمية لكل القوى العظمى و الإقليمية إلى جانب ليبيا و الجزائر و دوليا لابد من نقطة إلتقاء مع كل الدول الصاعدة (النمور الأسيوية ) و الإستفادة من تجاربهم .
الإدارة الجيدة هي صفة يتميز بها الحاكم الحريص على إزدهار أعماله و لإكتمال هذا لابد من وجود أشخاص أكفاء في المواقع الصحيحة فكما قال الملك الفارسي بن بهرام “لا قوام للرجال الا بالمال و لا سبيل للمال الا بالعمارة و لا سبيل للعمارة الا بالعدل و العدل الميزان المنصوب بين الخليقة نصبه الرب و جعل له قيمًا و همًا الملك”
إذن نجاح الدول يبدأ من الحاكم و معاونيه ، و الحياة لا تقبل الفراغ و الدولة التي ليس لها عقل يستوعب المتغيرات و يتأقلم مع التغيرات و بناء علاقة متينة بين مكونات المجتمع بعيدا عن التفاوت ، على قائدها أن يتخلى عن مكانه و يترك الأمر لأهله القادرين على بناء حركة إنجاز إستراتيجية .
أكتب هذا و كلي حسرة على ثورة إحتضنتها الدولة لكن لم يستوعب ساستها أن العقد الذي بينهم و بين شعبهم هو الإنحاز و الدول تعرف بقادتها.