الوطنية

مأساة محميّة إشكل و العبث بمقدّرات الدّولة

تحاصرها السدود من كلّ الجهات و تمنع عنها مياه الأمطار ، تلك المياه العذبة التي تعانق مياه البحر فتمنح الحياة لتلك المحميّة الفريدة المتفرّدة .
تحوّلت “المحميّة المحاصرة ” بإرادة القائمين عليها إلى مستنقعات متناثرة ليعلو التراب مستوى المياه و يعلن دفن المئات من النباتات لتفرّ الأسماك و الطيور المهاجرة و المستثمرين و العمّال وتفرّ الحياة هربا من جحيم الجهاز الاداري المهترئ و المتآكل لتترك لهم تلك المياه العكرة التي تعوّدوا الاصطياد فيها .
في الأمس القريب كانت تلك البحيرة الفريدة تنتج مئات الأطنان من الأسماك و تمنح قوت عشرات العائلات في المنطقة و تجلب السيّاح عندما كانت في أيدي عائلات بعينها تملك نفوذا يمحو كلّ أنماط النفوذ وبعد هروبهم في 2011 لم يتركوا إلاّ الديون الثقيلة و الالتزامات التي لم لأحد أن يطالب بها .
جاء المستثمرين الجدد يحدوهم أمل العمل في تلك المحميّة الساحرة الجذّابة و المغرية في كلّ المستويات و استبشر الأهالي بعودة الرّوح للمحميّة و ما حولها و ما فوقها و ما تحتها لكنّ تلك السدود التي تحيط بالبحيرة من كلّ الجهات و كأنّها حرس للحدود يؤشّر دخول الحياة للبحيرة .
تحرّك الجهاز الاداري الثقيل للمطالبة بديون قديمة متجدّدة يعلم تمام العلم المسؤولين عنها ليزيد على معضلة السدود عراقيل أخرى تصدّ شركة ” تونس للبحيرات” عن الاستثمار في البحيرة رغم استماتة الشركة في تحمّل مسؤولياتها و التزاماتها تجاه الدولة و العمّال الذين لا زالوا إلى اليوم يتقاضون أجورهم من الشركة ” الرهينة ” .
رغم الدّعم السخيّ الذي تقدّمه اليونسكو للحفاظ على المحميّة و رغم القيمة البيئية للبحيرة الساحرة و رغم إمكانات الاستثمار المهولة سواءا فيما يتعلّق بالاستثمار المباشر في قطاع الأسماك أو في القطاع السياحي و رغم الطاقة التشغيلية العالية و تأثيراتها على عجلة الاقتصاد و النسيج الاجتماعي في المنطقة لا زال الجهاز الاداري الأصمّ و الأخرس يضع العراقيل تلو العراقيل لشركة “تونس للبحيرات” و آخرها عندما تمّ استيراد أنماط من الأسماك لزراعتها في المحمية حيث أجهزت سلطة الاشراف بسلاح الاجراءات و القانون على تلك الأسماك لتقتل تلك الأسماك و معه حلم الشركة التي تحاول إنتاج حلول بديلة في الظروف و العراقيل التي أطنبنا في وصفها.
المحصّلة خسرت الشركة ألاف الأوروات و خسرت الدّولة المزيد من العملة الصّعبة و التي نحن في أمسّ الحاجة إليها لتتحوّل الوضعيّة إلى أنماط من العبث لا يفهمها إلاّ ” الراسخون في التدمير” .
الأسئلة التي تتبادر إلى أذهاننا عنوة من المستفيد من تدمير المحميّة و الرأسمال الوطني و أين سياسات الدّولة و أين الحوكمة الرشيدة و كيف سيتمّ خلق الثروة و حلّ المعضلات الاقتصاديّة و الاجتماعية بهؤلاء المسؤولين صفة و اللاّمسؤولين فعلا و واقعا و آخر الأسئلة هل يراد تحويل هذا الوطن إلى محميّة لا روح لها تماما كالبحيرة الساحرة و لصالح من تتحركة هذه الآلة التدميريّة و هل نحن مواطنون أم مستوطنون في وطن ليس لنا .
جمعية موطن الياسمين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى