حين تورط السياسة عالم الرياضة.. وتكون جمعية التنس بمقرين أحد ضحاياها.
لطالما أكدت الاتحادات الرياضية الدولية على عدم إقحام السياسة في الرياضة من منطلق ترسيخ مبادئ اللجنة الأولمبية الدولية التي تحظر استخدام الرياضة في الترويج لأغراض سياسية ، حيث أن تدخل السياسة في الرياضة مرفوض رفضا باتا في كل دول العالم ، ومع ذلك تجد بعض المسؤولين في تونس يمارسون ديكتاتوريتهم العمياء فيستغلّون نفوذهم ومراكزهم السياسية في حشر أنوفهم في كل المجالات لا سيّما المجالات المحظورة عنهم ، بالعبث بهذه المبادئ الأولمبية ، حيث يسعى بعضهم لفرض كلمتهم في شؤون لا تعنيهم بالمرة حتى أنها ليست من مشمولاتهم ولا من واجباتهم ، متجاوزين بذلك كل الخطوط الحمراء ، وكأن غايتهم في زمن الرداءة ، نثر بذور الفتنة التي تعمل على التفرقة والترويج للشائعات المغرضة ، فقط من أجل أغراض شخصية دفينة ليس إلّا ، وهذا ما جعل الأجواء في كواليس رياضتنا سخنة وتكاد تنفجر ، وهو ما لاحظناه في كرة القدم على وجه الخصوص في السنوات الأخيرة بعدما سادت الفوضى أوساطنا الاجتماعية من جميع جهاتها زعزعت الاستقرار وعكرت صفو المتنفس الأهم والأبرز لأطفالنا أبطال المستقبل وشبابنا ركيزة الوطن وثروته الحقيقية ولوّثت أجواء النوادي والفرق التي تواجدت قبل كل شيء من أجل صقل المواهب ونشر المحبة والألفة بين الأفراد ، لتتواصل العدوى انطلاقا من اللعبة الشعبية الأولى وصولا إلى جميع القطاعات للأسف من بينها حتى التي أهدتنا نجمة في قيمة وزيرة السعادة أنس جابر وما أدراك ما أنس جابر ، قطاع كان بالأمس القريب حكرا على الطبقة البورجوازية ليصبح اليوم مُتاحا ومفتوحة أبوابه على مصرعيها لكل الطبقات الاجتماعية بفضل جامعة وطنية رتّبت كل الأمور لذلك ، شعارها “التنس للجميع” ، حيث باتت كرة المضرب اللعبة الشعبية الثانية بعد المستديرة الساحرة ..
لننتقل الآن إلى صلب الموضوع ، موضوع الساعة أو لنقل الأزمة الراهنة لنادي عتيد …
فماذا يحصل لنادي التنس بمقرين ؟ هذه المدرسة العريقة التي أهدتنا على مرّ السنين عديد الأسماء ، أسماء برزت على الصعيدين الوطني والدولي ، فكانت الوجهة الأفضل للترويح عن النفس وممارسة النشاط الرياضي والإستمتاع بجمال المنطقة بجهة الضاحية الجنوبية للعاصمة تونس ، خاصة بعدما شهدت ملاعبها تحسينات عديدة وأصبحت منذ فترة من الطراز الرفيع ، مع تخصيص ركن للاسترخاء وتبادل الآراء ومشرب عصري للغاية استقطب عديد الزوار والوافدين على النادي بفخامته ورفاهيته ومشروباته وأطباقه اللذيذة …
رغم أن الوضعية القانونية للهيئة المديرة لنادي التنس بمقرين سليمة و أنها تعمل في إطار القوانين الجاري بها العمل وتتمتع كذلك بجميع الضمانات القانونية المكفولة لها بمقتضى قانون الجمعيات والنصوص والمراسيم المنقحة والمتممة له وخاصةً المرسوم عدد 88 لسنة 2011 المؤرخ في 24 سبتمبر 2011 المتعلق بتنظيم الجمعيات وخاصةً الفصل 6 منه – يحجر على السلطات العمومية عرقلة نشاط الجمعيات أو تعطيله بصفة مباشرة أو غير مباشرة.
وحيث نذكركم بأن الهيئة المديرة منتخبة من قبل أعضائها الذين قبلوا بقانونها الأساسي كتابة عملا بالفصل 17 من المرسوم عدد 88 لسنة 2011 وأن الطعون لا تكون حقا إلا لمن له صفة ومصلحة للقيام بها في الأجال وأمام السلطة المخول لها النظر وهي الجامعة التونسية للتنس التي لها حصرياً السلطة القانونية والترتيبية على النوادي المنضوية تحت لوائها …
إلا أنه ورد على المكتب المنتخب لنادي التنس بمقرين ، في تجاوز واعتداء صارخ لكل القوانين والمبادئ الأولمبية ، دعوة من طرف المندوبية الجهوية لوزارة شؤون الشباب والرياضة ببن عروس التي طالبت النادي بـ”الـمثول أمامها” ، حيث دعت الجمعية لجلسة بمقر ولاية بن عروس موضوعها وضعية الهيئة المديرة لنادي التنس بمقرين دون تقديم أي دوافع أو وقائع تبرر التباحث في وضعيتها علما وأن الجمعية كانت قد راسلتهم سابقا بتاريخ 23 فيفري 2022 حول تدخلهم في الشأن الداخلي للنادي وبينت لهم أن الوضعية القانونية للهيئة سليمة وأنها تعمل في إطار القوانين الجاري بها العمل وتتمتع كذلك بجميع الضمانات القانونية المكفولة لها بمقتضى قانون الجمعيات والنصوص والمراسيم المنقحة والمتممة له …
هذا وعملا بما سبق ذكره فإن الجمعية وفي غياب أي واقعة أو تجاوز مثبت وقانوني و في ضل عدم وجود أي نص قانوني يتيح للمندوبية الجهوية لوزارة شؤون الشباب والرياضة ببن عروس التدخل في شأن الجمعية الداخلي وسياساتها التسييرية ردّت هذه الأخيرة مصرّة في التشبث بحقها ومواصلة في فرضها لتطبيق القانون الذي يشملها كباقي الجمعيات الرياضية دفاعا عن حقّها في الاستمرارية في إطار القانون ، بمحضر تنبيه ، طالبت فيه بإلغاء العمل بمحضر الجلسة والدعوة إلى التخلي عن الصيغ المبهمة في المراسلة التي تلقتها والتركيز على ذكر المخالفات إن وجدت لفصول قانونية بعينها ووصف الوضع دون تعويم حيث أن الجمعية تنشط بصفة عادية لذا فإنها لا ترى جدوى لتدخل أي كان لضمان ديمومتها … وهذا حسب ما جاء في نص محضر التنبيه الوارد عن هيئة نادي التنس بمقرين المنتخبة بصفة قانونية وشرعية .
فمتى تدرك سلطة الاشراف أن الجمعيات الرياضية قد تشبّعت بمناهل القوانين وتدرك جيدا ما إليها وما عليها وأن إقحام السياسة في الرياضة مرفوض رفضا باتا خاصة أمام الوضعيات السليمة والتي لا تخصها أصلا لا من قريب ولا من بعيد وإنما دورها الأساسي مساعدة الجامعات والرابطات والجمعيات الرياضية على تحسين أدائها وليس العكس بعرقلة سيرورتها ومحاولات التشويه وتشويش المناخ العام فيها ؟!
بالمناسبة وفي سياق متّصل نثمّن اعتزام وزارة الشباب والرياضة تنظيم مناظرة خارجية بالملفات لانتداب 300 خطة أستاذ تربية بدنية بالمدارس الإبتدائبة عن طربق التعاقد خلال العام الدراسي القادم . ونتمنى أن يتواصل تسليط الضوء على ملفات انتداب أساتذة الرياضة المعطلين عن العمل منذ سنوات وتحسين البنية التحتية للملاعب والمنشآت الرياضية وايلاء رعاية وإهتمام خاص بوضعية أبطالنا خاصة منهم من هاجر أو يفكّر في الهجرة والاستغناء عن الجنسية التونسية واللعب تحت ألوان رايات أجنبية بعدما يئِس من تحسين وضعيته في وطنه وسئِم من احساسه بالغربة في أحضانه بينما كان من الطبيعي أن يستشعر وجوده فيه لولا تقصير مسؤولينا في آداء مهامهم على الوجه الأكمل وانشغالهم بمصالحهم الضيقة …
رضا السايبي.