الوطنية

نوبة 1 و 2 تسلطينة درامية بين فرح وعشق وألم وحزن ..

انتهى مسلسل “نوبة” لكنه ترك فينا عبر ،حكم ودراية واسعة بعالم لا يعلم خفاياه وخباياه الا أبناؤه ، عالم محفوف بالمخاطر “الزلقة بفلقة” عالم الادمان والفن الشعبي “المزود” ، “موندو” من التحق به مفقود ومغادره مولود ، رغم قسوة المعيشة والصعوبات بوشناق بين بأن هذه البيئة يمكن أن يعشق فيها الرجل حبيبته حتى الثمالة وتحب فيها المرأة معشوقها وتضحي من أجله مهما كانت الظروف …بوشناق بين التداخل والتكامل الحاصل بين شباب المدينة العتيقة وأصحاب النفوذ في ذلك الوقت في علاقة بتجارة المخدرات وتحركات المافيا .

نجاح بوشناق انطلق منذ فترة اختيار الشخصيات ، كاستينغ محكم ومدروس ، كل شخص تقمص دوره وتعايش معه حتى ادركنا في فترات معينة بأن مانشاهده هو الواقع بكل تفاصيله ، اختيار اللباس كذلك وبراعة الفريق التقني (تصوير وموسيقي .. ) أضفيا على العمل جمالية ، اما في علاقة بالطرح والسيناريو فقد تمكن المخرج من المقاربة بين المناطق العصرية الراقية “المنزه 6” والمناطق الشعبية “الحومة الشعبية ،المدينة العتيقة ” تمرير جملة من الرسائل وتصحيح المفاهيم المغلوطة عند عامة الناس في علاقة بالمبادئ والقيم والسلوكيات والحياة الخاصة والعامة المتباينة بين المنطقتين وفي علاقة بخصوصيات كل شخص بعيدا عن المهنة التي يشتغلها .

بوشناق في مسلسل نوبة أراد ان يبعث بجملة من الرسائل مفادها ان ابن المنزه يمكنه العيش في وسط شعبي ويتأثر بالموروث الثقافي الشعبي الخاص بتلك البيئة حتى دون علمه بأنه ينتمي إلى تلك البيئة ، كذلك الطبيب يمكن أن يكون قد بلغ درجات متقدمة من العلم والمعرفة لكنه يقوم بالخطأ و يتبع طريق الادمان … نفس الشيء بالنسبة لرجل الأمن ذو الطبع الغليظ ظاهريا في فترة العمل ومرهف الاحساس في تعامله مع أمه وعائلته وما يتعرض له من مخاطر في سبيل الوطن .

نوبة 1 ونوبة 2 عرف تميز وتألق شخصيات وبروزهم عبر شاشة التلفاز بعد أن صقلت مواهبهم على خشبة المسرح هنالك حيث تصقل المواهب وتكون أفضل البدايات على غرار شخصيات وسيلة “هالة عياد ” وماهر “بلال البريكي” ووجدي “عزيز الجبالي ” و المبدع الشاذلي العرفاوي “برنڨا” و مهذب الرميلي “فتحي البوليس ” ياسمين الديماسي “فرح” ..الخ ونجوم التحقت في الجزء الثاني على غرار الفنان الكبير كمال التواتي “براداريس ” والمميزة جميلة الجميلات ريم الرياحي ” نجوى” وعاصم بالتوهامي ” كريم ” والقيدوم المبدع فتحي الهداوي “رضا ،داندي” قامة فنية ، له قدرة رهيبة في تقمص الأدوار المختلفة والتأقلم معها …

بوشناق جمع بين النبش في الذاكرة الشعبية من خلال عبق المدينة العتيقة زمن التسعينات والحنين لها فضلا على إعادة تجسيد أحداث واقعية تحدث فيها بوشناق عن حقبة المافيا الايطالية وارتباطاتها في تونس حيث كانت محل تساؤل كل المتابعين زمن وقوعها باحثين عن تفاصيلها وشفرة التحقق من حيثياتها ، ربما نختلف مع بوشناق في بعض التفاصيل وفي غياب التناسق بين بعض الأحداث فضلا على اختياره بأن يكون العمل 30 حلقة ما ساهم في بطء في أحداث بعض الحلقات لكن لا يمكننا أن نختلف بأن نوبة عمل درامي مميز زادته حرفية الممثلين صدقا وقربا من المتلقي حيث أن المشاهد يتابع أحداث المسلسل وكأنه يعيش تفاصيلها معهم ، الممثل يتقمص دوره حتى يغيب عن ذهنك بأنه يمثل بل تتعامل مع المشهد وكأنه حقيقة تتجسد أحداثها بحضورك في الواقع ،المخرج أنجز عملا يشبه لفئة واسعة من الشعب التونسي وحنينه لذلك الزمن الجميل ،حيث يمكنك أن تشاهد تفاصيل حلقاته فتستنشق رائحة المدينة العتيقة التي تفوح من الشاشة الصغيرة و تخترق فؤاد القلب المولع بكل تفاصيلها.

أخيرا وحتى لا يفوتني أريد التوجه بالشكر لكافة فريق Artify على الحرفية والصورة الجميلة التي تمتعنا بها من خلالها بمشاهدة الجزء الثاني من مسلسل نوبة “عشاق الدنيا” .

أمير السعداوي .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى