الوطنية

الحق في الاختلاف بين مطرقة التشريع وسندان السياسة

كتبت خولة شبّح

يتواتر رفض الحكومة التونسية منذ فترة تقديم طلبات لإدراج القرى الأمازغية التونسية ضمن التراث العالمي لمنظمة اليونسكو، وفي كل مرة يتم فيها تقديم هذه الطلبات من قبل المنظمات الثقافية الناشطة في المجال تكون الإجابات غير مقنعة.

بالنسبة لجلول غاقي رئيس جمعية التونسية للثقافة الأمازيغية الأمر يطمس حق أحد الشعوب الأصيلة ، ولكن حجم الضيم الذي يعيشه الأمازيغ ينعكس أيضا في بعض الممارسات المتعلقة مثلا باعتماد الأسماء الأمازيغية أو التضييق على التحركات والتظاهرات التي تنظمها الجمعيات المدافعة على الثقافة الأمازيغية.

14 حالة تلك التي عانى منها الأمازيغ التونسيون خلال السنتين الماضيتين هي نسبة من 650 حالة اعتداء على الحريات الفردية سجلها مرصد الدفاع عن الحق في الاختلاف التونسي. ويعطي المرصد عديد الأرقام المقلقة في علاقة بالاعتداءات التي تطال التونسيين على عديد الأسس من بينها 233 اعتداء على الأشخاص ذوي وذوات الميولات الجنسية و 80 حالة ضرب للحريات و 33 حالة تمييز على أساسا اللون.

مجلس نيابي معطل

ويبدو أن سعي النشطاء في مجال الحريات الفردية والمساواة لدفع مشاريع القوانين المتعلقة بها سيكون محفوفا بعديد العوائق في ظل صعود عديد التيارات المحافظة في البرلمان التونسي. وفي أدراج البرلمان يقبع الى اليوم مشروع مجلة الحقوق والحريات التي تم تقديمها في 2018 إضافة الي قانون المساواة في الميراث التي تمسك به الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي.

ويواجه مشروع المساواة في الميراث المحال على أنضار مجلس نواب الشعب حسب تقرير مرصد الدفاع عن الحق في الاختلاف معارضة من بعض الأطراف السياسية المحافظة فيه كحزب حركة النهضة وائتلاف الكرامة والاتحاد الشعبي الجمهوري لما تعتبره خرقا لأحكام الإسلام والدستور. في الوقت التي تتحفظ أطراف سياسية أخرى حسب التقرير على محتوى المشروع كحزب مشروع تونس والتيار الديمقراطي.

كما يواجه مشروع مجلة الحريات الفردية والمساواة رفض الحزب الدستوري الحر وائتلاف الكرامة وسط غموض موقف حزب حركة النهضة.

ولئن كانت التوصية الأبرز لمجلس نواب الشعب من القائمين على التقرير تعديل وموائمة التشريعات للدستور والمواثيق الدولية الا أن رئيسة مرصد الدفاع عن الحق في الاختلاف سلوى قريسة لم تخفي مخاوفها من عدم مرور هذه المشاريع ومن التركيبة الحالة للمجلس والتي تعرف اغلبها بمواقف محافظة إزاء ملف الحريات الفردية والمساواة في تونس.

رهان الحريات الفردية قد يضربه التوافق

وطيلة السنتين الماضيتين كان المجلس المتخلي قد صادق على مشاريع قوانين من بينها مناهضة العنف ضد المرأة والطفل وقانون مناهضة التمييز إلا أن تطبيقهما لازال رهين الإرادة السياسية.

ولئن بدى موقف رئيس الحكومة الجديد الياس الفخفاخ ضمن التقرير مساندا للحريات الفردية والمساواة فإن موقف رئيس الجمهورية قيس سعيد بدى رافضا لعديد النقاط المتعلقة بإلغاء عقوبة الإعدام والمساواة في الإرث ومشروع قانون الحريات الفردية وإلغاء الفصول التي تجرم المثلية الجنسية ومواءمة التشريعات مع الالتزامات الدولية.

وقد شددت رئيسة مرصد الدفاع عن الحق في الاختلاف على أهمية موقف الفخفاخ في هذا الجانب كسلطة مبادرة تشريعية وكسلطة انفاذ الا أنها لم تخفي تخوفها من أن التوافق الذي بدت بوادره بينه وبين رئيس الجمهورية قد يخلق تغيير في مواقفه إزاء الحريات الفردية والمساواة.

وكالعادة تجد الحريات الفردية نفسها رهينة التوافقات السياسية في ظل سعي السلطة التشريعية إلى تمرير مشاريع قد تمس منها تحت ملحوظة “استعجال النظر” كمشروع قانون الطوارئ ومشروع قانون زجر الاعتداءات على القوات الحاملة للسلاح والدي يمثل في نسخته الحالية خطرا كبيرا على الحريات الفردية والعامة وفق ما يقره رجال القانون ونشطاء المجتمع المدني.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى