كلمة الأستاذ راشد خريجي الغنوشي رئيس مجلس نواب الشعب خلال الجلسة العامة المخصّصة للتصويت على منح الثقة للحكومة المقترحة
بسم الله الرحمن الرحيم
السيد إلياس الفخفاخ رئيس الحكومة المكلف
السيدات والسادة أعضاء الحكومة المقترحين
السيدات والسادة النواب
السادة ضيوف المجلس
السيدات والسادة ممثلي المجتمع المدني ووسائل الإعلام التونسية والدولية.
مرحبا بكم جميعا في رحاب مجلس نواب الشعب
تنعقد هذه الجلسة تحت أنظار التونسيين في داخل البلاد وخارجها، كما أنّها محلّ متابعة من عديد المهتمّين بالتجربة التونسية خاصة وهي تمرّ باختبار ديمقراطي جديد في سياقات عربية وإقليمية مضطربة ودقيقة ليست بلادنا بمعزل عنها وعن نتائجها.
لقد استغرقنا كثيرا من الوقت والجهد والاجتهاد منذ الانتخابات لتشكيل الحكومة، ولكن بقدر ما أظهر ذلك حاجة الحياة السياسيّة الى تعزيز مناخات الثقة والحوار والتوافق والابتعاد عن ثقافة الإقصاء، فإنّه أكّد صلابة التجربة التونسية وقدرتها على ادارة الخلاف تحت خيمة الدستور وضمن أطر ديمقراطية مؤسّساتية، بعيدا عن الشعبويّة والتوتّر السياسي.
السيّد رئيس الحكومة المكلّف
السيدات والسادة الأفاضل
لقد أدّى التونسيون واجبهم الانتخابي يوم 6 أكتوبر 2019 واختاروا ممثّليهم في البرلمان، وهم اليوم ينتظرون من الحكومة أن تحققّ لهم انتظاراتهم في العيش الكريم من خلال ديمقراطية الخدمات وتحسين المرفق العام وخاصة في النقل والصحة والتعليم والسكن في إطار أولوية العدالة الاجتماعية والتنمية المستديمة والتوزيع العادل للثروة.
يتطلّع التونسيون اليوم إلى حكومة قويّة ومتضامنة قادرة على إنجاز المطلوب وبعث أمل جديد للتونسيين. وإنّنا جميعا مؤتمنون على تحقيق انتظارات مختلف الفئات والجهات وخاصّة منهم الشباب الذين لايزالونيتطلّعون إلى نيل حقّهم في العمل الكريم والمسكن اللائق وفي تملّك جزء ممن ثروة بلادهم يحقّقون بها أحلامهم التي هي جزء من الحلم التونسي الكبير في أن تصبح بلاد الحرية والكرامة قطبا علميا وثقافيا وتعليميا وصحيّا ومركزا تجاريا كما كانت تونس عبر تاريخها الطويل رائدة ومنارة ومفترقا للكثير من الحضارات.
سنكون جميعا على نفس القدر من المسؤولية وفق ما يخوّله دستور ثورة الحرية والكرامة من صلاحيّات تنفيذية للحكومة وتشريعية ورقابية لمجلس نواب الشعب على قاعدة التعاون من أجل المصلحة العامة وتعزيز الوحدة الوطنية وتصليب السيادة الوطنية.
السيّد رئيس الحكومة المكلّف
السيدات والسادة الأفاضل
إنّ مجلس نواب الشعب، انطلاقا من مهامه الدستوريّة وتمثيله للشعب، سيدعم كلّ نفس إصلاحي وسيسرّع في سنّ التشريعات التي تخدم التونسيين وتعزّز آمالهم في تغيير واقعهم المعيش الصعب، وسيعطي أولويّة مطلقة للتشريعات المحفّزة للاستثمار والمشاريع التنمويّة وتحسين البنية الأساسيّة، خاصّة في الجهات الداخلية المهمّشة، والخدمات العموميّة في النقل والتعليم والصّحة والأمن، بما يعزّز إن شاء الله مسار الإصلاحات الكبرى ويحقق الانتقال الاقتصادي والاجتماعي المنشود.
وفي مسار آخر، سيعمل مجلس نواب الشعب في ظل توافق برلماني ووطني واسع على استكمال إرساء بقية المؤسسات الدستورية ومن أوكدها وأوّلها المحكمة الدستورية التي تعتبر أولوية وطنية، إذ أنّه ما من نظام ديمقراطي صلب الدعائم دون مؤسسة تقوم على احترام مقتضيات الدّستور. ونحن نعلم اليوم الشروع في الإجراءات الرامية لانتخاب الأعضاء الثلاثة المتبقيين من أعضاء المحكمة الدّستورية الموكول للمجلس انتخابهم.
السيد رئيس الحكومة المكلف،
السيدات والسادة الأفاضل
لقد أكّدت الأشهر الماضية وكل التحديات التي عشناها منذ الثورة، الحاجة الملحة لتعزيز ثقافة الحوار والعيش المشترك، والأهم من ذلك الحاجة الحيوية لتحقيق المصالحة الوطنية الشاملة التي لا تستثني أحدا وتقطع مع مخلفات الماضي وتردم أحقاده وتفتح صفحة جديدة في تاريخ تونس الحديثة، ويشرفني من هذا المنبر أن أدعو المجلس للعمل على تقديم مبادرة تشريعيّة جامعة للمصالحة الوطنية الشاملة واستكمال مسار العدالة الانتقالية من أجل إعادة اللحمة بين أبناء الشعب التونسي العظيم ودفن الضغائن والأحقاد وإرساء دولة القانون وسدّ الأبواب أمام كلّ أنواع الانتهاكات وإرساء الحوكمة الرشيدة في أفضل الظروف وأسرع الاوقات لأنها هذه مسؤوليتنا الأصليّة ولأنّ صبر شعبنا التونسي الأبي قد طال.
السيّد رئيس الحكومة المكلّف
السيدات والسادة الأفاضل
أخيرا، لا يفوتني أن أُعرب عن تقديري الكبير لما قام به السيد رئيس الجمهورية من جهود في إطار ما يخوّله له الدستور من صلاحيّات ساعدت في تقريب وجهات النظر، كما لا يفوتني أيضا أن أُجدّدُ عميق التقدير لجميع مكونات المجتمع السياسي على وعيها وإحساسها بعمق المسؤولية، وأن أثمّن خاصة الجهود الصادقة للمنظمات الوطنية وفي مقدّمتها الاتحاد العام التونسي للشغل وأمينه العام السيد نورالدين الطبوبي والاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية برئاسة السيد سمير ماجول والاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري برئاسة السيّد عبد المجيد الزار الذين أكدوا بجهودهم المخلصة الحقيقة الوحيدة في تونس بعد الثورة أنّ بلادنا في مسارها الانتقالي لا تنهضُ ولا تتقدّمُ ولا تعمل إلاّ بالحوار والتوافق.
اليوم ينتهي مسار تشكيل الحكومة لتنطلق لحظة العمل والانجاز
وفّقنا الله جميعا لما فيه خير شعبنا وبلدنا
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته