مشكي وعاود ” فيلم تونسي متميز جمع بين الكوميديا والنقد بأسلوب ساخر .
يعرض هذه الأيام بالمسرح البلدي بصفاقس وبمختلف الولايات الفيلم الكوميدي الحدث ” مشكي وعاود” للمخرج قيس شقير والسيناريست المتميز سليم بن إسماعيل بمشاركة ثلة من الفنانين الكوميديين على غرار سفيان الداهش ،جعفر القاسمي ، كريم الغربي ، بسام الحمراوي ، جوليا الشواشي وسامي المزغني ..
فيلم كوميدي يحاكي واقع المجتمع التونسي في مقاربة ومقارنة بين سنة 2009 قبل الثورة التونسية ثورة الحرية والكرامة وسنة 2019 واقعنا الذي نلمتسه الآن بكل تفاصيله في مختلف المجالات ، ثمانون لقطة حوارية بنفس كوميدي نقدي فكك وحلل فيها القائمون على العمل الفني الشخصية الهشة والمتلونة لفئة من التونسيين مع ما يخدم مصالحهم الشخصية ووفق مقاييس التزلف والتقرب من الهيكل الأقوى وأصحاب النفوذ في البلاد إما بداع الخوف أو الخضوع بسبب ضعف الشخصية وهشاشتها النفسية والتكلس والتبلد الذهني وفق تصورات سطحية لا يتم الاجتهاد في المزيد من التعمق لفهمها والعمل على إصلاح مايجب إصلاحه .
فيلم كوميدي بعث برسائل مشفرة في علاقة بسلوكيات ومعاملات التونسي داخل المجتمع بتخصيص لقطات تبين جملة من الاخلالات والتجاوزات المتمثلة في دفع الرشوة من أجل مكاسب شخصية ، الخيانة بين الأزواج فضلا على تفشي ظاهرة النفاق وتباين المواقف وتغييرها وفق متغيرات سياسية وإجتماعية بين ما قبل الثورة وما بعدها .
الفيلم تحدث عن ظاهرة التدين والورع “المغشوش” الذي انتشر بعيد الثورة لدى فئة من المنحرفين وأصحاب السوابق العدلية وغيرهم ، تدين مفرغ من روح الاسلام السمح والإيمان الصادق ليذهب ضحيته ثلة من الشباب التونسي بسبب دمغجتهم من “شيوخ” منافقون يقولون ما لا يفعلون .
لم يكتف الفيلم بهذه الظاهرة حيث تحدث عن الخيانة الزوجية وعن مظاهر الانحلال والزنا من خلال قصة شاب تونسي غرر به ووقع في حب فتاة خيل له أنها من الصفيات العفيفات ليصطدم بعد الزواج بأنها كانت صاحبة سمعة سيئة وبائعة هوى .
نفس الشاب وهو ميسور الحال يشتغل بمصنع تونسي ايطالي ، اختاره زملاؤه ليكون مفاوض اجتماعي “نقابي” مع رئيسهم في العمل وهنا المفارقة بين فترتين من الزمن كان في الأولى مبدئي منحاز الى مطالب زملائه وفترة أخرى غلب عليه طبعه الانتهازي ليقبل “رشوة ” من رئيس العمل الايطالي مقابل الخصم من قيمة الترفيع من رواتب العمال.
لتتواصل القصص الواقعية المؤثرة بأسلوب هزلي تفنن الفريق القائم على هذا العمل الفني في إيصاله إلى المشاهد ، قصة تتحدث عن شخص تجمعي موال إلى نظام بن علي سنة 2009 كان يحرر التقارير بمعارضي النظام آنذاك ويرسلها إلى السلط الأمنية ، تأقلم مع أجواء ما بعد الثورة “قلب الفيستة” وأصبح يتحدث بشعارات منددة بظلم النظام السابق ومتحدثا باسم الثورة معتبرا نفسه جزء من المساهمين في اندلاعها بالاضافة إلى اعتلائه مكانة إجتماعية مرموقة ليصبح من أصحاب الجاه والأعمال.
الفيلم بين أيضا طرق التعذيب الوحشية التي تعرض لها المساجين السياسيين قبل الثورة من أجل الاعتراف بما نسب إليهم باطلا .
عمل فني كوميدي ساخر متميز لم يخلو من اللقطات الاشهارية الواضحة ،يرسم البسمة والفرحة على وجوه عشاق الفن السابع بأسلوب اتسم بمصطلحات وفقرات حوارية تشير إلى إيحاءات جنسية “غشة” كانت محل تباين في أراء المتابعين حول قبولها من عدمه.
أمير السعداوي