أطوار جريمة ”قبلاط”.. كيف خدعت طفلة الـ15 الجميع؟
رغم التطورات الكثيرة التي حفّت بالقضية والغموض الذي إكتنفها منذ بدايتها، لم يكن سهلا أن ينحصر الإتهام على طفلة الـ15 سنة وتنقلب من ضحية إلى متهمة بجريمتي قتل.. ومن تكون القتيلتان؟
أمها وجدّتها المسنّة التي يبدو أنها لفظت أنفاسها وقد إختارت أن تحمل سرّ ”جريمة قبلاط” معها…
أوت 2018، إستفاقت مدينة قبلاط على جريمة بشعة، ذهب في ظن سكان المنطقة أن بينهم ”وحوشا” تجرّؤوا على إقتحام حرمة مسكن والإعتداء على الجدة والأم بالعنف الشديد قبل أن يختطفوا الطفلة ”البريئة” ويتداولوا على إغتصابها ليتركوها تتخبط في آلامها على حافة وادٍ… ظلت هذه الرواية شبه مؤكدة لوقت طويل، وتعالت أصوات التنديد والإستهجان من كل حدب وصوب ومن جميع مكونات المجتمع، خاصة وأن أمنيا وعسكريا كانا من ضمن المظنون فيهم في هذه القضية.
وباستجواب الطفلة من طرف أعوان الأمن، تضاربت أقوالها وتصريحاتها، فذهب الظن إلى أنها تعاني إضطرابات نفسية شوّشت أفكارها.. والكل يذكر صورة وزيرة المرأة نزيهة العبيدي حين عادتها في المستشفى للإطمئنان على صحتها…
ومرّت أيام فارقت بعدها الجدة الحياة وهي تردّد إسم حفيدتها بين وعي وغيبوبة. وخُيّل للأطباء أن مردّ ذلك لوعتها على الطفلة.. وإلتحقت الأم بالجدة وهي المصابة إصابة بالغة على مستوى الرأس أدخلتها غيبوبة لم تخرج منها أبدا…
وأتى تقرير الطب الشرعي ليكذّب رواية إغتصاب الطفلة من طرف من إتهمتهم والذين بلغ عددهم العشرة أنفار من أبناء المنطقة، أحدهم زوج شقيقتها! لم يكتف التحقيق بنتيجة هذا التقرير فأعيد فحص ثان للطفلة أكد التقرير الأول.. وهنا بات من الواضح أن الحفيدة تخفي أمرا.. بل أمورا.
وتبعا لذلك إتخذ التحقيق منحى جديدا، فتتال إطلاق سراح المظنون فيهم تباعا، بعد أن ثبت أن جلّهم كانوا في عملهم أو بين عائلاتهم أثناء وقوع الجريمة، وحفظت التهم في حقهم بعد تواصل تضارب تصريحات الطفلة وتراجعها عن أغلبها. إلى أن أصبحت الشكوك موجّهة إليها بالأساس. وهنا تحوّل التحقيق لتصبح المتهمة الأولى في قضية جديدة باشرها قاضي تحقيق متخصص في قضايا القصّر.
وتواجه الطفلة تهمة ”قتل السلف للخلف” التي قد تصل عقوبتها إلى الإعدام. وهي اليوم تقبع في مركز إصلاح الأطفال الجانحين في مجاز الباب، إلى حين تحديد جلسة لمحاكمتها. ولئن أثبت التقرير الطبي أنها لا تعاني إضطرابات نفسية، إلا أنه أشار إلى نزعتها العدائية وتوتر علاقتها بوالدتها..
والآن وقد باحت هذه القضية بأغلب أسرارها، إلا أن أسئلة كثيرة ما تزال تحفّ بها. ما الذي يا ترى دفع بـطفلة الـ15 سنة إلى الإعتداء بوحشية على أمها وجدّتها المسنة؟ كيف فكّرت في رواية كتلك التي روّجتها؟ هل فعلت كل ذلك بمفردها وهل هناك طرف خفي آخر في هذه القضية؟
موزاييك