قابل للنقاش:في أيام قرطاج السينمائية : هل ” الغياب ” نال الجائزة البرنزية لإهانته للوطن و تبييضه للإرهاب؟
يكتبها الأمين الشابي
و اليوم و قد أسدل الستار على الدورة 30 لأيام قرطاج السينمائية و هي مناسبة لنهنئ كلّ المشاركين من ممثلين و مخرجين و فنيين و مشرفين و رواد لهذا التقليد العريق بوطننا العزيز و الذي نعتبره منارة من المنارات الثقافية التي يشع نورها على المستوى الدولي و يلفت أنظار العالم لوطننا تونس الصغيرة في مساحتها و لكن الكبيرة في حضورها و اشعاعها و هذا ما تؤمنه لبلدنا جل المحطات الثقافية بمختلف محاملها و بمختلف مجالاتها لكن هذا لا يخفي علينا بعض الانزلاقات الخطيرة التي قد تقع فيها مثل هذه التظاهرات الثقافية و ما يمكن أن يلحق للوطن من إساءة من جراء مثل هذه الأخطاء التي نراها قاتلة أحيانا.
و ما نقصده هنا تحديدا هو شريط ” الغياب” للمخرجة فاطمة الرياحي و هو من انتاج قناة الجزيرة الوثائقية و يروي قصّة واقعية لشخص تونسي سافر للبوسنة و انخرط في الحرب لفائدتها و تزوج من امرأة بوسنية و أنجب منها و لكن حين عاد إلى تونس وجد حكما بالسجن في انتظاره لمدّة 6 سنوات. إلى حدّ هذا تبدو القصة عادية و هي اختيارات شخصية و على الانسان تحمّل تبعة اختياراته و لكن ما هو غير عادي في هذا الشريط، و يجب ألاّ يكون عاديا هو:
1/ انتاج هذا الشريط الوثائقي بالذات من قبل قناة الجزيرة المعروف عنها أنّها ” لا تصطاد لربي ” بل لا يحلو لها الاصطياد إلاّ في الماء العكر بل لها أهدافها من وراء انتاجها لهذا الشريط ( الغياب ) خاصة و الجميع يعلم الخلفية الإخوانية لهذه القناة و حقدها على تونس و محاولاتها صب الزيت على النّار في أكثر من مناسبة و وقوفها إلى شق معين من ” السياسيين ” بتونس و في المقابل تكيل للبقية كما طاب لها بل حتّى زعماء الوطن لم يسلموا من براثنها و الزعيم الحبيب بورقيبة – رحمه الله – في مقدمة هؤلاء و قد أصابه ما أصابه من قبل هذه القناة الحاقدة على كلّ نفس تحرري في البلاد إلا إذا اصطبغ بلونها الإخواني و بالتالي انتاجها و تمويلها و تحمّل لكل الأعباء ليس بريئا بالمرّة.
2/ محاولات الإسادة لتونس الوطن و تونس التقدم و تونس التحرر و تونس التاريخ – بغثه و سمينه – يبقى تاريخ بلادنا العزيزة و لا يجب التنكر له أو التنصل منه و لكن في المقابل لا و لن نسمح لأي كان أن يستغل انتاج مثل هذا الشريط ليكيل لوطننا العزيز و شعبه عبر بث الأحقاد و تبييض الارهاب و الاعتداء الصارخ على الوطن باسم السينما الوثائقية و هي عبارة عن هدية مسمومة وحتى نبيّن ما ذهبنا إليه يكفي أن نعيد لبعض الكلام الحرفي لبطل هذا الشريط الوثائقي لنفهم جيّدا أهداف انتاج هذا الشريط – رغم تعاطفنا مع المأساة التي تعرض لها بطل الشريط – حيث يقول البطل ” ” تونس ما تستحق دولة هي محمية في أدغال افريقيا ” و ” البوليسية كلاب ” و لو أطيح لي ” لطعنتهم بقضيب حديد من نار ” فضلا عن تبييض الإرهاب خلال هذا الشريط؟ فهل بعد هذا الكلام كلام و هو الذي يهين الوطن بصفة مباشرة فهل تونس بعد 3000 سنة من الحضارة تنعت بطريقة لا أخلاقية ” بمحمية في أدغال افريقيا ” و هل تونس لم يكفها من ما طالها من الارهاب حتّى نعود و نمجده عبر هذا الشريط جهارا نهارا؟
3/ مع احترامنا للجنة التحكيم بمهرجان أيام قرطاج السينمائية التي منحته الجائزة البرنزية فهل علينا تذكيرها ببعض المبادئ التي دأب عليها هذا المهرجان وخاصة منها ” تعارض مضمون هذا الشريط مع روح المهرجان المعروف بدفاعه عن قضايا الحريات و التحرر الاجتماعي و الاقتصادي و استقلال الشعوب و نبذ العنف و الارهاب ” فكيف يتم أصلا برمجة مثل هذا الشريط الذي يسيء لكل هذه المبادئ و الأهداف التي يعمل ” أيام قرطاج السينمائية ” على تكريسها عبر الفن السابع؟ ألاّ تعدّ برمجة هذا الشريط فضيحة مدوية لتونس الانتفاضة لتونس التحرر ؟ فهل أصبحت ” أيام قرطاج السينمائية ” مخترقة..؟
في النهاية و صدقا لم أجد أي مبرر لا أخلاقي و لا فنّي و لا حضاري لقبول هذا الشريط الذي عمل طوال 90 دقيقة و هو يبيض الإرهاب و يهين البلاد بوصفها ” محمية في أدغال افريقيا ” و أيضا بث الكراهية بين الشعب الواحد بعيدا عن روح التسامح و طي صفحة الماضي سوى أنّ المنتج هو قناة الجزيرة.