مسلسل “نوبة “يعيد للدراما التونسية الرمضانية بريقها .
الحكاية انطلقت باطلاعي على مقال للصديق خليل قطاطة تحدث فيه عن مسلسل” نوبة “لعبد الحميد بوشناق ، اعجبني المقال وطريقة الطرح واستفزني بأن اذهب وافتح اليوتيوب والتحق بالمولعين بهذا العمل الفني المميز ، انطلقت في مشاهدة الحلقة الأولى ماراعني انني اصبحت ألتهم في أجزاء بقية الحلقات التهاما حتى ادركت انني شاهدت 7 حلقات في ليلة واحدة اي بعد موعد السحور ، واصلت متابعة المسلسل وفي كل ليلة أكتشف ابداعات ونواميس العمل الدرامي المكتمل التي خلتها ذهبت مع الأعمال الرمضانية في فترة التسعينات على غرار الخطاب على الباب والدوار وغيرها من الاعمال التي بقيت راسخة في أذهان التونسيين .
نجاح بوشناق انطلق منذ فترة اختيار الشخصيات ، كاستينغ محكم ومدروس ، كل شخص تقمص دوره وتعايش معه حتى ادركنا في فترات معينة بأن مانشاهده هو الواقع بكل تفاصيله ، اختيار اللباس كذلك وبراعة الفريق التقني أضفيا على العمل جمالية ، اما في علاقة بالطرح والسيناريو فقد تمكن المخرج من المقاربة بين المناطق العصرية الراقية “المنزه 6” والمناطق الشعبية “الحومة الشعبية ،البلاد العربي ” تمرير جملة من الرسائل وتصحيح المفاهيم المغلوطة عند عامة الناس في علاقة بالمبادئ والقيم والسلوكيات والحياة الخاصة والعامة المتباينة بين المنطقتين وفي علاقة بخصوصيات كل شخص بعيدا عن المهنة التي يشتغلها .
بوشناق في مسلسل نوبة أراد ان يبعث بجملة من الرسائل مفادها ان ابن المنزه يمكنه العيش في وسط شعبي ويتأثر بالموروث الثقافي الشعبي الخاص بتلك البيئة ، كذلك الطبيب يمكن أن يكون قد بلغ درجات متقدمة من العلم والمعرفة لكنه يقوم بالخطأ و يتبع طريق الادمان … نفس الشيء بالنسبة لرجل الأمن ذو الطبع الغليظ ظاهريا في فترة العمل ومرهف الاحساس في تعامله مع أمه الخ …
المخرج انجز عملا يشبه لفئة واسعة من الشعب التونسي وحنينه لذلك الزمن الجميل ، فضلا على النبش في الذاكرة الشعبية والصراع القائم بين الفنانين الشعبيين في تلك الفترة بما في ذلك حقوق ملكية الأغاني وقصص الكتابات الشعرية لكل منهم حسب الظروف الاجتماعية والعاطفية التي مر بها والقصة التي تعايش معها ..
مسلسل “نوبة ” تشاهد تفاصيل حلقاته فتستنشق رائحة المدينة العربي التي تفوح من الشاشة الصغيرة و تخترق فؤاد القلب المولع بكل تفاصيلها ..
أمير السعداوي