الكاتبة الشيشانية هيا توركو ل”التونسية”: آثار الحرب في الشيشان لا تزول وهناك أمور مخفية لايراها العامة
*هايا توركو صحافية من اصل شيشاني لو تعرفين بنفسك للشعب التونسي
ـ اسمي هيا توركو، شيشانية من مواليد دمشق، عمري ٢٥ عاماً من الحب و الحرب، أبي ينحدر من عائلة شيشانية الأب و الأم، و أمي من عائلة شيشانية الأم و فلسطينية الأب، متزوجة من شيشاني و لدى طفل و طفلة، بعد سنين طويلة من الاستقرار و محاولة التعايش و التنقل مابين الجولان و من ثم دمشق، اندلعت الحرب في سوريا عام ٢٠١١_٢٠١٢،
*بدايتك مع الكتابة ورحلاتك بين عدة دول؟
بدأت الكتابة من صف الخامس ابتدائي، و كانت دائما كلماتي تتوجه لأمي و أبي و معلمتي، في المرحلة الثانوية بدأت هوايتي تتحول لشغف، الأمر الذي جعلني أدخل الجامعة السورية تخصص الآداب (الأدب العربي)، و في عامي الثاني من رحلة الجامعة، ساء الوضع جدا، الأمر الذي جعلنا نضطر أن نغادر البلاد أنا و زوجي حينذاك، فاخترنا الأردن كموطئٍ أول، حيث قد مكثنا هناك سنتين ونيف لنصل بها إلى اللاأمل، بسبب قلة فرص العمل، و غلاء المعيشة هناك، لنغادر بعدها إلى تركيا راجين أن يكون الوضع أكثر راحة، لكن مع الأسف، فالاقامة هناك أشد صعوبة من الأردن، و اختلاف اللغة له دور كبير في ذلك.
بقينا في مخيم تركيا في غازي عنتاب تحديداً شهور عدة، في مجتمع شركسي متعايش و متعاون، و كان المخيم أشبه بمنزل كبير يجمع القوقازين فيه، كان الحاضر فيه جيد نوعاً ما، لكن المستقبل كلمة لا تشق طريقها هناك، فالاقامة في المخيم تمنعك في التفكير في يوم غد، و ذلك الذي جعلنا نفكر بشكل جدي في أوروبا.
في موسم الهجرة قد رحلنا إلى مقاطعات عدة، ابتداء من اسطنبول مروراً بأنقرة فقيصري فأضنا، بحثنا عن الأمل في كل مكان، لكنا لم نجده على الإطلاق، فسافر زوجي إلى أوروبا، النرويج تحديدا، بعدما عبر عبر الدول الأوروبية جميعها، نمسا فألمانيا فهولندا، السويد ثم الدنمارك وصولا بالنرويج، و كان الهدف النرويج لقلة سكانه، و طمعاً في حياة هادئة، لا تهددها أزمة سياسية، أو اقتصادية.
* تكتبين بموقع الجزيرة ومواقع عربية عديدة فهل هناك رقابة من بعض المواقع أم لكي حرية الكتابة ؟
في النرويج عدت للتدوين و بدأت أدون في مدونات الجزيرة، و في مواقع مختلفة بعض الأحيان، و خضت تجربة أكثر من رائعة في موضوع التدوين عبر صحيفة نرويجية، كنت قد تدربت فيها سابقاً بضعة شهور، لا زلت أدون فيها بين الحين والآخر، واتمسك بها جيدآ لما أجده فيها من حرية تعبير، و انفتاح في طرح القضايا، دون تقييد أو تضييق، و إن شاء الله أخطو في طريق الإعلام هنا، في الحقيقة أنا على إصرار شديد في اجتياز طريق الصحافة و الإعلام، لأنني اريد أن ابذل حياتي في إيصال صرخة المتألمين من معاناة الحروب و الصراعات الطويلة على مر الزمان.
*كيف هي الاوضاع في الشيشان؟
بالنسبة للشيشان فإنها و بفضل الله تنعم بالهدوء في الوقت الحالي، كما أنها قد تزدهر حاليآ بمراكز تحفيظ القرآن الكريم، و هناك رعاية مكثفة تحف بالحفاظ و الراغبين بتعلم اللغة العربية، لا سيما أن أكبر مسجد في أوروبا هو مسجد غروزني، في العاصمة الشيشانية، لا ننكر أن للحرب بقايا لا تزول بسهولة، و هناك من الأمور المخفية التي لا تظهر للعوام، لكن عزاءنا أن دين التوحيد قائم و كلمة الله هي العليا، و كما نعلم أن المذهب الصوفي كان منتشر انتشارا عجيبا في الشيشان و ذلك لقلة الوعي الديني و سيطرة بعض الشيوخ الذين نقلوا الدين الإسلامي إلى هناك بمذاهبهم و بدعهم، و بتقصير واضح من الحكومات الإسلامية التي لا تدعم الراغبين بتعلم الدين الإسلامي الحنيف على أصوله، في أوروبا عامة و في الشيشان خاصة، و مع ذلك فإن الشريعة الإسلامية في الوقت الحالي بدأت تعود لمسارها الحنيف هناك دون تغير أو تعديل في الأمور المحورية.
* علاقتك بتونس كدولة عربية ؟ هل تتابعين اخبارنا السياسية والاجتماعية ؟
بصراحة عندي الرغبة الكاملة في زيارة تونس، و يسعدني اني على تواصل مع بعض الأصدقاء من الجزائر و المغرب و تونس، و أسعى على الدوام لزيادة أواصر المحبة بيني و بينهم، علني يومآ ما أتمكن من زيارة تونس الخضراء، فالفضول قد بلغ أقصاه بحجم ما اسمعه عن جمال تلك البلاد، بغض النظر عن اني لا أؤيد فكرة الميراث و توزيعه بطريقة تناقض الشريعة الإسلامية، و لكني أدعو لتلك البلاد و شعبها الطيب بكل مافيه خير ان شاء الله للبلاد و العباد.
* نرى على الانستغرام فيديوهات وصور لحضرتك مع زوجك فهل تعيشون مرتاحين بالنرويج ام هناك تحضير للعودة للشيشان يوما ما
في الحقيقة بالرغم من اني شيشانية إلا أن الانتماء الأول يكون للبلاد التي نشأنا فيها، فالإنسان يبحث عن الوطن التي زرع فيه ذكرياته، و شرب من مائه حتى ارتوت ظمأته، لكن حلمي في زيارة الشيشان، حلم لن أتوانى عن تحقيقه، و اطمح في دخول أرض الأجداد يومآ ما برفقة أطفالي إن شاء الله.
* ماعلاقتك بعمان والأردن
لقد سألتني عن علاقتي بعمان و الأردن، في الحقيقة الهيام لا يخفى، و الشوق لا نستطيع تخبئته، و حبي الكبير لعمان يقوم على الشبه بحسب ظني، لأن الإنسان البعيد عن أمه، يعشق كل امرأة تشبهها، و ما أشد الشبه بين عمان و دمشق، و شوارعهما، و عاداتهما، و هذا التفسير الأرجح إن لم يخيب ظني.
*القضية الفلسطينية في رايك؟
فلسطين كانت و لا تزال و ستبقى هي المكان المقدس التي أوصانا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، لكن الاحتلال العربي من قبل الحكومات العربية، هو مصدر التقاعس عن استرداد الحق العام للأمة الإسلامية، و الطريق الأول للتخلص من الاحتلال الإسرائيلي، هو التخلص من الاحتلال العربي أولا.
*كلمة اخيرة؟
شكرا لكل من اتانا بكلمة طيبة، و الامتنان الأكبر لهذا العالم الإلكتروني الذي جعلنا نعرف أن تونس الخضراء هي أرض القلوب المزدهرة و العقول المثمرة، داعية الله عزوجل أن يبارك في أرضها و شعبها.
حوار:ايمن قريسة