الكادحات عاملات مصانع الخياطة .. هن ملح الأرض .. “النساء اللي تعاني ونساتهم الأغاني هاذي لمسة وفاء ليهم” …
كتب أمير السعداوي
لا يمكن أن يمر يوم ولا تشاهد عدد من النسوة والفتيات الكادحات يتسابقن على وسائل النقل العمومي منذ الصباح الباكر للذهاب إلى عملهن المنقسم بين عاملات بمصانع الخياطة والأحذية والمعينات المنزلية … مهما كانت الظروف واختلفت الفصول “صيف وشتاء ” هن هكذا لا يكلن ولا يملن ،لا تثنيهن الطريق الوعرة المحاطة بالمخاطر ، -ظلام دامس ، برد ورياح موحشة ،كلاب سائبة من فئة الحيوان والبشر- ، عن الإلتحاق بعملهن وأداء الواجب حفاظا على شرفهن وبحثا عن حياة كريمة لهن ولأبنائهن …
في المقابل البعض من الرجال أو الذكور يصلون الليل بالنهار في سهراتهم ونزواتهم ،يدمنون شرب الكحول والبطالة ،يقتاتون من كد وعرق نسوتهم وأخواتهم ، جعلوا من الجلوس في المقاهي والمحلات والدكاكين ديدنهم وفي “تركريك” الشاي وتدخين السجائر والنفة نفقاتهم ،سيماتهم الغلظة في المعاملة مع أفراد عائلتهم حتى تدرك أنهم من فئة الحيوانيزم البرية المتوحشة …
هي ، تصل إلى المصنع ،تتوجه نحو الخزانة لوضع أمتعتها ، تتناول ميدعتها ،لقد تفننت في طيها أمس قبل المغادرة ،ثم تفتح حقيبتها وتخرج “كاسارونة “صغيرة لوضعها بالثلاجة ، بها قليل مما تبقى من عشاء البارحة تتناوله في فترة الراحة المخصصة للغداء ، تلتحق بال Chaine كما يحلو لهن تسميتها ، وتشرع في عملها ،تتسابق مع الزمن كيف لا وهي التي تدرك بأن راتبها يحتسب بحساب عدد القطع الجاهزة التي أعدتها “rendement “وخير ونيس لها سماعتان في أذنيها تبحر وتتجول بهما عبر موجات مختلف الإذاعات علها تنسى أو تتناسى شقاء يومها والأجر البخس والزهيد الذي تتقاضاه في أواخر كل شهر.
نعم هن ملح الأرض كيف لا وهي الوطن ، الأم والأخت والزوجة ، هي الجميلة ،الحنونة ،الرقيقة صاحبة الأحاسيس المرهفة ، أترضون لها كل هذا الشقاء وتفتخرون برجولتكم وفحولتكم .. أين الدولة من معاناة هؤلاء النسوة و أخريات عاملات بالحقول الفلاحية والنظافة ومختلف المهن الشاقة !!?? .
امير السعداوي